los Cuarenta 40 hadices Nawawiyah


los Cuarenta 40 hadices Nawawiyah
lectura de nuestro hermano
abu abderrahman el melillense

الأربعون حديثا النووية
صوتية باللغة الإسباني
para descargar todo el album
hazlo por aqui
http://www.4shared.com/file/18739254...es_Nawawi.html


هل يحيض الرجل؟

هل يحيض الرجل؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فمن عجيب السؤال أن يقول الواحد منا : هل يحيض الرجل؟ لما علم من أن هذا أمر خاص بالنساء. بل  يستعمل مثل هذا في ضرب المثل للأمر المحال, أو للإنكار على من يعمل عمل النساء.ومن ذلك ما روي عن خرشة بن الحر قال: ( رأيت عمر بن الخطاب ومر به فتى قد أسبل إزاره وهو يجره فدعاه فقال له أحائض أنت؟ قال: يا أمير المؤمنين وهل يحيض الرجل؟ قال: فما بالك قد أسبلت إزارك على قدميك؟ ثم دعا بشفرة ثم جمع طرف إزاره فقطع ما أسفل الكعبين وقال خرشة كأني أنظر إلى الخيوط على عقبيه). نسبه المباركفوري في كنز العمال لجامع سفيان.
وأصله عند ابن أبي شيبة (5/167) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن سليمان بن مسهر عن خرشة أن عمر دعا بشفرة فرفع إزار رجل عن كعبيه ثم قطع ما كان أسفل من ذلك قال فكأني أنظر إلى ذباذبه تسيل على عقبيه
وروى أبو نعيم في حلية الأولياء (3/331)حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا أبي ثنا جرير عن مغيرة عن عكرمة قال كانت القضاة ثلاثة  يعني في بني اسرائيل فمات واحد منهم فجعل الآخر كانه فقضوا ما شاء الله أن يقضوا فبعث الله ملكا على فرس فمر على  رجل يسقي بقرة معها عجل فدعا العجل فتبع العجل الفرس فتبعه صاحب العجل فقال يا عبد الله عجلي وقال الملك عجلي وهو ابن فرسي فخاصمه حتى أعياه فقال القاضي بيني وبينك قال قد رضيت قال فارتفعا إلى أحد القضاة قال فتكلم صاحب العجل فقال إنه مر بي على فرسه فدعا عجلي فتبعه فأبى أن يرده ومع الملك ثلاث درات لم يرى الناس مثلها فأعطى القاضي  درة فقال اقض لي فقال كيف يسوغ هذا لي قال تخرج الفرس والبقرة فإن تبع العجل الفرس عذرت قال ففعل ذلك ثم أتى الآخر  ففعل مثل ذلك ثم أتى الثالث فقصا قصتهما وناوله الدرة فلم يأخذها وقال لا أقضي بينكما اليوم فإني حائض فقال الملك  سبحان الله هل يحيض الرجل فقال سبحان الله وهل تنتج الفرس عجلا فقضى لصاحب البقرة .
ولكن الأغرب من هذا كله أن يكون هناك فعلا رجل يحيض.
فقدروى الفاكهي في أخبار مكة  (5/238 /باب ذكر الرجل الذي كان يحيض كما تحيض المرأة ) حدثنا أبو الحسن حامد بن أبي عاصم حدثنا عبد الرحمن بن العلاء المكي في إسناد ذكره قال: ( كان أبو كعب رجلا يحيض كما تحيض المرأة فنذر لئن عافاه الله ليحجن وليعتمرن فعافاه الله من ذلك فكان يحج كل عام فأنشد في ذلك شعرا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :ما فعل جملك يا أبا كعب. فقال: شرد والذي بعثك بالحق منذ أسلمت).
وممن ذكروا أنه كان يحيض كما تحيض النساء أبو مكعت أخو بني سعد بن مالك وهو شاعر جاهلي كما في خزانة الأدب (10/272) لعبد القادر البغدادي.

وهل تحيض الحامل؟
وقالت الحكماء: إن الجنين يغتذي بدم الحيض يقبل إليه من قبل السرة، ولذلك لا تحيض الحوامل إلا القليل. وقد رأينا من الحوامل من تحيض. وذلك لكثرة الدم.وتقول العرب: حملت المرأة سهواً، إذا حاضت عليه. وقال الهذلي:
ومبرأ من كل غبر حيضة         وفساد مرضعة وداء مغيل
يعني أنها لم تر عليه دم حيض في حملها به.وقالوا: فإذا خرج الولد من الرحم دفعت الطبيعة ذلك الدم الذي كان الجنين يغتذيه إلى الثديين، وهما عضوان باردان عصبيان يغيرانه لبناً خالصاً سائغاً للشاربين.

تحقيق البغية بحكم إحفاء اللحية



بسم الله الرحمن الرحيم
تحقيق البغية
بحكم إحفاء اللحية

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله  وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده و رسوله
           أما بعد:
    فهذه رسالة مستعجلة ألفت فيها انتباه إخواننا إلى حكم إحفاء اللحية ،وتقصيرها تقصيرا شديدا أو قصا يشبه قص أهل الشرك. وقد أشار الله عز وجل إلى هدي الأنبياء في إعفاء اللحية في قوله تعالى :( قال يبنؤم لا تاخذ بلحيتي ولا برأسي ) ،  فلاحظ أخي أنه ما كان لموسى أن يستطيع الإمساك بلحية هارون لولا  أنها كانت بقدر يستطيع به أخذ لحيته بكفه , وقد ورد في ذلك بعض الأخبار في كتب التفسير وما أظنها تصح، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذا لحية حسنة  تملأ نحره ،  إذا تكلم في نفسه أو قرأ في صلاته عرف ذلك من خلفه باضطرابها من وفورها كما صرحت بذلك الآثار,منها ما رواه البخاري في الصحيح ( 713) عن خباب أنهم كانوا يعرفون قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر باضطراب لحيته.ومثله ما ورد في حديث قدوم عروة بن مسعود إليه كما في سنن أبي داود(2765),فإنه (جعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم, فكلما كلمه أخذ بلحيته والمغيرة بن شعبة قائم على النبي صلى الله عليه وسلم, ومعه السيف وعليه المغفر, فضرب يده بنعل السيف, وقال :أخر يدك عن لحيته) وكذلك كانت لحى السلف . فقد روى أبو نعيم في الحلية(5/40) عن أبي بكر بن عياش قال: ( لو رأيت منصورا وعاصما والربيع بن أبي راشد في الصلاة وقد وضعوا لحاهم  على صدورهم عرفت أنهم من أبرار الصلاة)      
 وروى الإمام أحمد واللفظ له والبيهقي في الشعب من حديث أبي أمامة وصححه الألباني رحمه الله أن بعض الأنصار قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم… (إن أهل الكتاب يقصون عثانينهم و يوفرون سبالهم ) ، فقال النبي  صلى الله عليه وسلم…  :
(قصوا سبالكم و وفروا عثانينكم و خالفوا أهل الكتاب ). و السبال هي الشوارب ، و العثانين هي اللحى ، والحديث يدل على أن المبالغة في قص اللحية من عادة أهل الكتاب وأن الذي  يفعل ذلك متشبه بهم وأنه إنما  تحصل مخالفتهم بتكثيرها وتوفيرها ، قال الطيبي رحمه الله في شرح المشكاة (9/2930): (لأن المنهي عنه هو قصها كفعل الأعاجم والمراد بالإعفاء التوفير، والأخذ من الأطراف قليلا لا يكون من القص في شيء ) ، و قد روى ابن سعد في الطبقات وغيره أن رجلا مجوسيا جاء إلى الرسول  صلى الله عليه وسلم… وقد أحفى لحيته وأعفى شاربه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم…  منكرا عليه  :( من أمرك بهذا ؟ قال: ربي قال: لكن ربي أمرني أن أحفي شاربي وأعفي لحيتي ) . فتأمل مليا كيف كانت هيأة المجوسي، وكيف أنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم عليه ذلك ثم بين له الفطرة وأنها بخلاف عادته، والإحفاء المبالغة في القص, وقد عرف المشركون بمخالفة الفطرة في اللحية بطريقتين, هي الإحفاء وهي الغالبة والحلق. ولذلك قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (11/541):  ( كانوا يقصون لحاهم ومنهم من كان يحلقها ) .
قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار(1/166 )  : ( من عادة الفرس قص اللحية فنهى الشرع عن ذلك ) وقال القاضي عياض رحمه الله في ( إكمال المعلم (2/64): ( وسنة بعض الأعاجم حلقها وجزها وهي كانت سبرة الفرس. والسبر بكسر السين الهيئة و قال ولي الله الدهلوي رحمه الله  في حجة الله البالغة (1/182).:( وقصها سنة المجوس ) وقال المناوي رحمه الله ( وكان من زي آل كسرى كما قال الروياني وغيره: قص اللحى و توفير الشوارب ) . وذكر القاضي عبد الوهاب المالكي رحمه الله في المعونة ( 2/578 ) أن السنة : (إعفاء اللحية توفيرها وتكثيرها, لأن في ذلك جمالا للوجه و زينة للرجل ولأن الغرض بذلك مخالفة الأعاجم في نتفها وتبقية اليسير منها, والإعفاء التكثير ) وقال
وقال القرطبي(3/124) (قال العلماء أما زينة الرجال فعلى تفاوت أحوالهم فإنهم يعملون ذلك على اللبق والوفاق فربما كانت زينة تليق في وقت ولا تليق في وقت وزينة تليق بالشباب وزينة تليق بالشيوخ ولا تليق بالشباب ألا ترى أن الشيخ والكهل إذا حف شاربه في أول ما خرج وجهه سمج وإذا وفرت لحيته وحف شاربه زانه ذلك)

قلت : وقد وجد في أهل الكتاب من يعفي لحيته و يوفرها و الشوارب من اليهود الحسيديم وغيرهم والنصارى الأرثودكس في شرق أوروبا ومصر والسودان.بل وجد منهم في أقصى سيبيريا بأرض روسيا – وهو شيء عرفته من مطالعت لبعض الصحف الغربية – وهم يرون أيضا وجوب تغطية النساء لرؤوسهن إذا بلغن عشرين سنة! قال القرطبي رحمه الله في  التفسير (2/105): (الأعاجم يقصون لحاهم ويوفرون شواربهم أو يوفرونهما معا, و ذلك عكس الجمال والنظافة ).
  وسئل مالك عن اللحية إذا طالت جدا فقال:  أرى أن يؤخذ منها ويقص كما عند الزرقاني في شرح الموطأ (4/426) وعند القرفي في الذخيرة (13/281) (قال ابن أبي زيد : قيل لمالك إذا طالت اللحية جدا أيأخذ منها؟ قال :نعم) ، ومنهم من رأى أن عدم الأخذ منهما مما جاوز القبضة بدعة !  وقال الطبري رحمه الله : ( حمل هؤلاء النهي على منع ما كانت تفعله الأعاجم من قصها و تخفيفها) بواسطة الفتح ( 10/350). وذهب بعضهم إلى جواز الأخذ دون أخذ أهل الشرك كما روى الإمام أبو يوسف في كتاب الآثار رقم (1042)عن إبراهيم النخعي أنه قال:( لا بأس أن يأخذ الرجل من لحيته ما لم يتشبه بأهل الشرك ) ، وأما حلقها فأقبح وأشد حتى قال الإمام أبو شامة رحمه الله  : ( و قد حدث قوم يحلقون لحاهم وهو أشد مما نقل عن المجوس أنهم كانوا يقصونها ) الفتح(11/542) 
 طريفة
ومن الطريف ما وقع للدكتور عجيل النشمي عميد كلية الشريعة بجامعة الكويت سابقا, فقد وقفت عن غير قصد على مقاة له في صفحة فتاوى مخصصة له  في مجلة المجتمع ( عدد 1394 ص58  ) يستدل فيها لجواز التقصير والتصغير الشديدين بما رواه البيهقي في السنن الكبرى (708) والشعب (6451) والطبراني (617)  عن شرحبيل بن مسلم الخولاني قال :( رأيت من أصحاب رسول الله  صلى الله عليه وسلم… يقصون شواربهم ويعفون لحاهم ويصفرونها  ) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد( 5/167) :( رواه الطبراني وإسناده جيد ). والطريف في الاستدلال أنه تصحفت عليه الفاء غينا فقرأها: ( يصغرونها ) !وهذا من طريف التصحيف.           


إقامة الحجة والبرهان على جواز التنكيس في سور القرآن

إقامة الحجة والبرهان
على جواز التنكيس في سور القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد
فإن مما يثير العجب حقا أن تجد كثيرا من الناس يسارعون إلى عيب ما لا علم لهم به سوى قيل وقال, دون بينة أو حجة أو برهان,كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم : (ما أسرع الناس إلى أن يعيبوا ما لا علم لهم به).
ومن هذه الأمور تنكيس سور القرآن في القراءة, أي قراءة سورة قبل أخرى خلاف ترتيبها في المصحف العثماني في نفس الركعة. وكنت أصبر غير آبه على إنكارهم لجهلهم, ثم وجدت الأمر يشتد , فبادرت إلى تأسيس أدلة المسألة , وبيان جوازها  مستعينا بالله تعالى .
روى مسلم في صحيحه (772) عن حذيفة بن اليمان قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة , فقلت: يركع عند المائة,, ثم مضى,فقلت: يصلي بها في ركعتين, فمضى,فقلت: يركع بها, ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها ...)
وفي الحديث دلالة بينة واضحة على أنه يجوز قراءة سور القرآن غير مرتبة كما هي في المصحف العثماني المتداول بين أيدينا. وموضع الشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ النساء قبل آل عمران بدليل استعمال حذيفة لحرف (ثم) مع أن سورة آل عمران قبل سورة النساء في الترتيب العثماني !
ـ قال الشيخ الألباني في صفة الصلاة (الكتاب الأصل /ص500و501): هكذا هي الرواية , بتقديم (النساء) على (آل عمران) خلافا للترتيب العثماني عند جميع من أخرج الحديث , إلا رواية لأحمد , فذكر (آل عمران) ثم (النساء) , وهي من رواية أبي معاوية عن الأعمش , والرواية الأولى من رواية عبد الله ابن نمير وجرير, كلاهما , على أن مسلما قرن بهما رواية أبي معاوية ـ وكذا البيهقي ـ ولم يذكر خلافا بينهما في هذه الكلمة والله أعلم.
وأيما كان, فالرواية الأولى أصح, لاتفاق ثقتين عليها عن الأعمش, ولمجيئها كذلك من وجه آخر عند أحمد كما سبق
وقد وهم الحافظ في الفتح (3/15) وتبعه الشيخ القاري وغيره في شرح الشمائل (2/95) حيث عزوا الحديث باللفظ الثاني إلى صحيح مسلم وليس هو فيه. بل ولا عند أحد من مخرجيه, حاشا أحمد في رواية. ـ كما ذكرنا ـ وقد رجح هذه الرواية الشيخ القاري , فقال:
إنها الصواب , على ما هو المعروف المستقر من أحواله صلى الله عليه وسلم, وما استقر عند الصحابة من الإجماع على ترتيب السور, على خلاف في أنه توقيفي, بخلاف ترتيب الآي فإنه قطعي)
قلت: ولا يخفى على العاقل اللبيب أن ما ذكره لا تنهض حجته على ترجيح هذه الرواية , لأنه جائز أن يخالف صلى الله عليه وسلم المعهود من ترتيبه لسبب ما ـ كبيان الجواز مثلا ـ فإذا كان هذا جائزا, فلا بد حينئذ من المصير إلى ترجيح إحدى الروايتين على الأخرى إلى ما تقتضيه قواعد علم الحديث.
وقد ذكرنا أنها الرواية الأولى,فعليها العمدة , دون الأخرى) اهـ كلام الشيخ رحمه الله تعالى
قال أبو عبد الله : وممن أنكر هذا كثير من المتفقهة المنسوبين إلى مذهب مالك رضي الله عنه في بلادنا, وهو أمر طريف . فإن كبار المالكية على الجواز . قال القاضي عياض المالكي رحمه الله تعالى في إكمال المعلم بفوائد مسلم (3/137/تحقيق يحيى إسماعيل) :
(وتقديمه هنا النساء على آل عمران حجة لمن يقول : إن ترتيب السور اجتهاد من المسلمين حين كتبوا المصحف, لم يكن ذلك من تحديد النبي ـ عليه السلام ـ وإنما وكله إلى أمته بعده وهو قول جمهور العلماء , وهو قول مالك واختيار القاضي أبي بكر الباقلاني, وأصح القولين عنده, مع احتمالها.قال: والذي نقوله: إن تأليف السور ليس بواجب في الكتابة ولا في الصلاة ولا في الدرس ولا في التلقين والتعليم, وإنه لم يكن من الرسول في ذلك نص واحد لا يحل تجاوزه, فلذلك اختلفت تأليفات المصاحف قبل مصحف عثمان, واستجاز النبي صلى الله عليه وسلم والأمة بعده في سائر الأعصار ترك الترتيب للسور في الصلاة والدرس والتلقين والتعليم, وعلى قول من يقول من أهل العلم : إن ذلك توقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم, وعلى ما حده ورسمه لهم حسب ما استقر في مصحف عثمان , وأن موجب اختلاف المصاحف قيل في الترتيب إنما كان قبل التوقيف , وعلى ما جاء هنا كانت هاتان السورتان في مصحف أبي...)
وفهم من هذا أنه على فرض كون  ترتيب المصحف توقيفيا فإنه لا يلزم منه وجوب ترتيبها في القراءة في الصلاة.
وقال الإمام  النووي الشافعي رحمه الله في التبيان في آداب حملة القرآن (ص48) : (لو خالف الموالاة فقرأ سورة لا تلي الأولى أو خالف الترتيب فقرأ سورة قبلها جاز.)
وقال ابن بطال المالكي في شرح البخاري : (روى يونس عن ابن وهب قال: سمعت مالكًا يقول: إنما أُلف القرآن على ما كانوا يسمعونه من قراءة رسول الله، ومن قال هذا القول لا يقول: إن تلاوة القرآن في الصلاة والدرس يجب أن يكون مرتبًا على حسب الترتيب الموقف عليه في المصحف؛ بل إنما يجب تأليف سوره في الرسم والكتابة خاصة ولا نعلم أن أحدًا منهم قال: إن ترتيب ذلك واجب في الصلاة، وفى قراءة القرآن ودرسه وإنه لا يحل لأحد أن يتلقن الكهف قبل البقرة، ولا الحج بعد الكهف، ألا ترى قول عائشة للذي سألها أن تريه مصحفها ليكتب مصحفًا على تأليفه: لا يضرك أيه قرأت قبل؟!)
وأثر عائشة الذي ذكره  ابن بطال رواه البخاري (4707) عن يوسف بن ماهك قال: إني عند عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها إذ جاءها عراقي فقال : يا أم المؤمنين أريني مصحفك. قالت: لم ؟ قال: لعلي أؤلف القرآن عليه فإنه يقرأ غير مؤلف. قالت: وما يضرك  أيه قرأت قبل...) وهو شاهد واضح على ما ذكر من جواز (تنكيس) سور القرآن في التلاوة.
ومما يدل على هذا أيضا ما رواه البخاري (741) عن أنس رضي الله عنه ـ وبوب له المجد ابن تيمية الحنبلي في المنتقى ولحديث حذيفة (باب قراءة سورتين في كل ركعة وقراءة بعض سورة وتنكيس السور في ترتيبها وجواز تكريرها) ـ قال: كان رجل من الأنصار يؤمهم  في مسجد قباء وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح (قل هو الله أحد) حتى يخلو منها, ثم يقرأ سورة أخرى معها, وكان يصنع ذلك في كل ركعة, فكلمه أصحابه فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى, فإما تقرأ بها وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى فقال: ما أنا بتاركها إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت وإن كرهتم تركتكم أنه من أفضلهم وكرهوا أن يؤمهم غيره فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر فقال: يا فلان, ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك؟ وما يحملك عل لزوم هذه السورة في كل ركعة؟ فقال: إني أحبها فقال :حبك إياها أدخلك الجنة)

ووجه الدلالة فيه إقراره صلى الله عليه وسلم هذا الإمام على تقديم سورة الإخلاص على غيرها في الركعة الواحدة.
واستدل الشيخ الألباني رحمه الله تعالى أيضا بما رواه ابن خزيمة (538) عن الأعمش عن شقيق عن ابن مسعود قال : (إني أعلم النظائر التي كان رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يقرأ بهن سورتين في ركعة ثم أخذ بيد علقمة فدخل ثم خرج فعدهن علينا قال الأعمش: وهي عشرون سورة على تأليف عبد الله أولهن الرحمن وآخرتهن الدخان الرحمن والنجم والذاريات والطور  هذه النظائر  اقتربت والحاقة والواقعة ون والنازعات وسأل سائل والمدثر والمزمل وويل للمطففين وعبس ولا أقسم وهل أتى والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت والدخان) وقد ذكرها الشيخ الألباني في صفة الصلاة (ص402 إلى 404) وأصلها في البخاري (4710)ومسلم(822) وقد فصل الشيخ رحمه الله تعالى تخريج الحديث.فانظره هناك.وهذه النظائر ذكرت مرتبة على ترتيب مصحف ابن مسعود رضي الله عنه .وقد ذكر الشيخ أرقامها ثم قال في الحاشية : (الرقم الأول للسور والرقم الثاني لعدد آياتها وقد كشف لنا هذا الترقيم الأول أنه صلى الله عليه وسلم لم يراع في الجمع بين كثير من هذه النظائر ترتيب المصحف فدل على جواز ذلك ومثله ما سيأتي في القراءة في صلاة الليل. وإن كان الأفضل مراعاة الترتيب) ويقصد بما سيأتي حديث حذيفة.
هذا جهد المقل. والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.






إفادة الخِلِّ بأخبار الخَلِّ

إفادة الخِلِّ
بأخبار الخَلِّ

بسم الله الرحمن الرحيم
ينتج الخل عن طريق تحول السكر النباتي الموجود في بعض الفواكه كالتفاح وغيره إلى الكحول عن طريق إنزيمات مخمرة وينتج عن هذا كله :
(حامض الخل ) (Acide acetique ) الذي يمثل نسبة ستة في المائة من محلول الخل.ويسمى خل الخمر وهو النوع الفرنسي وهو المستعمل في بلادنا كثيرا لأنه أسرع تحضيرا, ولذلك تجد مكتوبا على كثير من المنتوجات التي تركب منه أو على آنية الخل مكتوبا(خل الكحول ـ vinaigre d alcool) أي الخل المتحول من الكحول عن طريق التخمر بواسطة البكتيريا الهوائية. وهناك أنواع أخرى تختلف طريقة تحضيره كالخل الإيطالي الذي ينتج عن طريق طبخ عصير العنب على نار ضعيفة وتكون مدة تخميره طويلة.
يمر عصير الفاكهة المحتوي على كل مكوناتها من قشور وغيرها ليصير خلا من نوعين من التخمير:
التخمير الأول يتحول فيه السكر إلى كحول وإلى غاز ثاني أكسيد الكربون.(ومن هنا أتى اسم الخل التجاري الذي يستعمل في المائدة: خل الكحول) ثم يتخمر عن طريق بكتيريا هوائية.التي تحول الكحول إلى حامض الخليك.وينفك ثاني أوكسيد الكربون عن المحلول.

ويكون لون الخل هنا أحمر. فإن خمر العصير الخالص كان لون الخل أصفر مائلا إلى البياض.
وهنا يفترق الخمر عن الخل.فالخمر نتاج للتخمر الأول فقط. بحيث يحصل المخمر على محلول كحولي مذاب فيه ثاني أوكسيد الكربون. وهو سبب الرغوة التي تعلو الخمر عند صبه في كأس.
وطريقة صناعة الخمور بتعريض العصير للتخمير الأول فقط مبينة في هذه الصورة:


والفرق بين الخمر والنبيذ هو أن النبيذ نقيع ليس فيه تخمر.
وأما اتخاذ الخمر خلا, فيكون بتعريض الخمر إلى الهواء, فتحول البكتيريا السابقة الذكر الكحول إلى حامض الخليك. وهذا منهي عنه. وإنما يباح الأول.لحديث أنس: ( أتخذ الخمر خلا ؟ قال : لا)

فإن تحول الخمر لذاته دون قصد من الإنسان جاز استعماله.لأنه لا يبقى للكحول أثر كما ذكرنا. لتحوله إلى حامض الخليك.ومن الأمور الرافعة لحكم التحريم الاستحالة كما هو معروف في الفقه.
ـ أما الأحاديث الواردة في الخل. فقد روى مسلم (2051) عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (نعم الأدم أو الإدام الخل)
وروى أيضا عن جابر بن عبد الله يقول :أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ذات يوم إلى منزله فأخرج إليه فلقا من خبز فقال: ما من آدم فقالوا لا إلا شيء من خل قال فإن الخل نعم الأدم. قال جابر: فما زلت أحب الخل منذ سمعتها من نبي الله صلى الله عليه وسلم. وقال طلحة: ما زلت أحب الخل منذ سمعتها من جابر)
وروى الحاكم في المستدرك (4/59) عن ابن عباس عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم هل عندك طعام آكله وكان جائعا فقلت إن عندي لكسر يابسة وإني لأستحيي أن أقربها إليك فقال: هلميها فكسرتها ونثرت عليها الملح فقال هل من أدام فقالت يا رسول الله ما عندي إلا شيء من خل قال هلميه فلما جئته به صبه على طعامه فأكل منه ثم حمد الله تعالى ثم قال نعم الإدام الخل يا أم هانئ لا يقفر بيت فيه خل )

منافع الخمر

منافع الخمر

وقفت في بعض كتب الأدب على قصة فيها أن بعض المتنادمين قال لآخر أظهر امتناعا من شرب الخمر في المجلس:

هذه الخمر منافعها كثيرة,فمن جملة منافعها أنها تهضم الطعام, وتصرف الهم والغم,وتزيل الأرياح , وتروق الدم , وتصفي اللون,وتنعش البدن,وتشجع الجبان,وتقوي همة الرجل على الجماع, ولو ذكرنا منافعها كلها لطال علينا شرح ذلك .!!!


قلت:
ليس مثل هذا التدليس تزوير أعرفه.
ولعل من يقف عليه تعجبه رنته, وتطربه نبرته
زوره فأحسن تزويقه, ودلسه فأحسن تسويقه.
ولست أدري من اين له بهذه المنافع .
أوجدها حين سكره, أم رآها في حال نومه
أم هي كذبة مخترعة, وفرية مبتكرة
قطع الله لسان قائلها
وشبك حبال الصوت في حلق صاحبها
وقد وجدت من نفسي نشاطا لنقضها, وهتك سترها والله الموفق
أما قوله : (تهضم الطعام) فنعم ولذلك تجد شاربيها كثيري السلح والتغوط في الشوارع والتبول في المزابل
وأما قوله : (تصرف الهم والغم) فلا, فإنها تسترها بساتر السكر, فإذا استفاق وجده هموما وغموما!!
وأما قوله : (تزيل الأرياح), فلأنها تنتج الإمساك في البطن فلا يجد الريح من أمعائه منفذا
وأما قوله : (وتروق الدم) فنعم تروقه وتفسده فلا يقوى الدم على التخثر عند الجرح , لأن الكحول من أقوى المذوبات العضوية.
وأما قوله : (وتصفي اللون), فلأن الوجه تعلوه شحوبة السكر والتقيئ.
وأما قوله : ( نتعش البدن), فغريب فإنك ترى السكران يمشي مترنحا متمايلا لا يقدر على أن يقف فأين الانتعاش .!؟؟
وأما قوله : ( وتشجع الجبان), فإنه من فرط شجاعته يتعرض للسيارات في الشوارع, ويسب مائة رجل ويتحداهم فيقتلونه...
وأما قوله : (وتقوي همة الرجل في الجماع), فنعم فإنه يقوى بعد ذلك على جماع الكلاب والحمير ...
وأما قوله:..ولو ذكرنا منافعها..فأقول له: لو عددتها لفضحتها...
والحمد لله رب العالمين.

(مائة فائدة من فوائد الشيخ محمد بوخبزة حفظه الله)



(مائة فائدة من فوائد الشيخ محمد بوخبزة حفظه الله)
 
 
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
فإن مجالس شيخنا أبي أويس, محمد بن الأمين بوخبزة الحسني التطواني حفظه الله تعالى كانت ولا تزال من ألطف وأجمل المجالس, فهي روض من رياض العلم بكل فنونه, من عقيدة وفقه ونحو وبلاغة وتفسير وتاريخ وشعر وحديث وغيرها.لا يشبع منها من يقصد الفائدة, ولا يسأم من حضورها أحد. وكان من طريقتي أن لا تفلت مني فائدة إلا وقيدتها عندي,حتى سألني مرة عما أفعل, فقلت له : أكتب ما تقول, فرد مازحا: (أكتب فإنه لا يخرج منه إلا الحق), فكثرت الفوائد , وازدحمت, فقررت الانتقاء منها لنفسي, بعدما استقر أكثرها في قلبي , ودونت منها مائة فائدة غير مرتبة, استخلصتها من عشرات الفوائد القيمة التي كنت دونتها قديما في أوائل المجالس,وسوف يلاحظ القارئ ذلك,واخترت منها ما يتميز به الشيخ حفظه الله تعالى,وضمنتها بعض الفوائد الجديدة مما رأيت أنه يهم بعض الإخوان كذكر زيارته للشيخ أبي إسحاق الحويني واتصال الشيخ مشهور به وغير ذلك. وليعلم من وقف عليها , أنها من أوائل الفوائد التي استفتدتها من الشيخ في أوائل الطلب منذ أكثر من عشرة أعوام.وهو ظاهر , وهي جزء يسير جدا مما عندي من تلك الفوائد,ولعل ما في قلوبنا منها أضعاف أضعاف ما وضعته هنا,والجديد منها دائما أغلى وأحلى. وما كان قصدي بهذه المائة إلا الدلالة بالجزء على الكل , فجزى شيخنا خير الجزاء , وجمعنا معه في الفردوس الأعلى, والحمد لله رب العالمين. 
1ـ أخبرنا الشيخ أن فتاة دفنت بجوار قبر المنيذر الإفريقي وكتب على لوح رخام على قبرها
هي في جوارك يا منيذر فاحمها        ومن المروءة أن يعز الجار
حاشا لفضلك يا رفيق محمد        من أن تمس مجاوريك النار
2ـ وأخبرنا أن من الصحابة الذين دفنوا بالغرب الإسلامي:
عبد الله الزلام الأنصاري ودفن بدرنة قرب الجبل
زهير بن قيس البلوي وهو دفين سفح الجبل الأخضر
أبو زمعة البلوي قتل في جلولة ودفن بالقيروان وبني عليه المسجد وهو مشهور بـ(السيد الصاحب)
3ـ وأخبرنا الشيخ أن رجال مراكش السبعة المعروفين  بـ(سبعة رجال) هم : يوسف بن علي ودفن خارج باب دكالة والقاضي عياض ودفن بباب إيلانا والجزولي والسهيلي أبو القاسم وأبو العباس السبتي وعبد العزيز التباع وعبد الله الغزواني
4ـ وأخبرنا أن أبا حاتم السجستاني إسماعيلي المعتقد حجة في اللغة.
5ـ وأخبرنا أن الزمخشري قال في صاحب المفصل : نحوي صغير.
6ـ وأخبرنا الشيخ أن أول من ترجم كتاب (بروتوكولات حكماء صهيون) إلى العربية هو عجاج نويهض وهو أديب نصراني وترجمه أيضا المكي الناصري وسماه (الدسائس الصهيونية في العالم) وترجمه التونسي النسبة لا البلد وهي الترجمة  المشهورة.
7ـ أخبرنا شيخنا محمد بن الأمين بوخبزة حفظه الله تعالى أن للأمير شكيب أرسلان تعليقات جيدة ومهمة على كتاب (حاضر العالم الإسلامي) لأديب إنجليزي وكان يقال (من لم يقرأه فليس وطنيا)
8ـ وأخبرنا أن الدروز يقيمون في الجولان وجبل الشوف في لبنان وأن كبيرهم يسمى (جنمبلاط) وأن العالم عندهم يسمى (العقل) وجمعه (العُقَّال)
9ـ وأخبرنا أن أول من سن كتابة ما يسمى بـ(الكشكول) هو البهاء العاملي الشيعي من القرن الثاني عشر الهجري ثم بعده البحريني الشيعي أيضا في ثلاث مجلدات.
10ـ وأخبرنا أن لأحمد ابن الصديق الغماري كتابا سماه (الحسام القلمي في نحر العمارتي والعلمي) في مسألة قصر الصلاة وجمعها في السفر وهو كتاب لا يوجد سوى اسمه
11ـ أخبرنا الشيخ أن للفقيه المرير التطواني وهو مالكي متعصب كتابا سماه :(الأبحاث السامية في المحاكم الإسلامية) وأنه رد عليه أحمد ابن الصديق بكتاب (الغارات الحسامية) أو (البحار الطامية في إغراق الأبحاث السامية) وكتاب أحمد لا يعرف إلا اسمه
12ـ وأخبرنا أن للفقيه الشيخ طاهر بن صالح الجزائري الفضل في إغناء المكتبة الظاهرية فقد جمع مخطوطات من الزوايا والمساجد وجعلها بها , أقام بالشام وهو شيخ الأستاذ بهجة البيطار
13ـ وأخبرنا أن الشيخ جمال الدين القاسمي كان إمام جامع السنانية
14ـ أخبرنا الشيخ أنه كان للشيخ تقي الدين الهلالي تلامذة بتطوان منهم : عبد السلام المؤذن ولم ينتفع منه ومحمد بن فريحا وكان رجلا جهوري الصوت يقرأ للهلالي في الجامع الكبير كتاب الدر المنثور وقد توفي والعبودي وكان فقيها وابن عوده وله اضطلاع جيد على تاريخ الحضارة الإسلامية وهو تركي جزائري وأحمد هارون مدير مجلة (لسان الدين) وهو أستاذ للرياضة ومحمد البناني وقد ارتد على عقبيه فصار صوفيا بودشيشيا
15ـ أخبرني الشيخ أن محمد بن عبد السلام الفاسي صاحب كتاب(محاذي حرز الأماني في القراآت ) كان محققا في علم القراءات وهو شيخ السلطان سليمان العلوي.
16ـ أخبرنا شيخنا عن خطباء جامع العيون مرتبين وهم : (1) الفقيه محمد بن الحسن الجنوي الكبير دفين مراكش ثم (2) محمد بن محمد بن عبد الواحد الحراق ثم (3) الجنوي الصغير ابن الأول ثم (4) الفقيه علال بن محمد عزيمان وبقي خطيبا خمسين عاما ثم (5) أخريف الميقاتي الفلكي وقد أدركه الشيخ ثم (6)محمد باغوز ثم (7)الفقيه الرهوني وكان ينوب عنه الفقيه اللواجري زوج ابنته ثم (8) الفقيه الصادق الريسوني ثم (9) الفقيه محمد التجكاني و(10) الشيخ بعده قضى في ذلك نحوا من خمسين عاما أيضا وكان يخطب فيه على المنبر بالجامع من غير نيابة قبل الاستقلال بسنتين.
قلت: وقد منع الشيخ من الخطابة في جامع العيون بسبب فتواه في حرب الأمريكان على أفغانستان من جهة وزير الشؤون الإسلامية السابق المدغري. ثم عرض عليه بعد ذلك الخطابة فيه مع الاعتذار من طرف الوزير الحالي التوفيق فامتنع الشيخ متعللا بمرضه وسنه.ورضي بإلقاء دروس في التفسير في مسجد قرب بيته بحي (سيدي طلحة).
17ـ أخبرنا الشيخ أن المجذوب عند الصوفية نوعان : مجذوب العناية ومجذوب السخط
18ـ وأخبرنا أن الشيخ محمد بن محمد بن عبد الواحد الحراق ولد بالشاون ودرس بفاس واستقر بتطوان
19ـ وأخبرنا أبو أويس أن جامع العيون بنيت عام ألف على يد علي بن مسعود الجعيدي الثري تلميذ يوسف الفاسي الفهري الذي حضر غزوة وادي المخازن وهو تلميذ عبد الرحمن المجذوب
20ـ وأخبرنا أن ابن الجد حافظ المذهب الأندلسي هو جد الفهريين الفاسيين , استوطنوا إشبيلية ثم القصر الكبير.
قلت: معنى الحافظ في المذهب عند المالكية حافظ الفروع وممن أطلق عليه الحافظ في المذهب المالكي القباب الفاسي أيضا كما في المعيار وغيره.
21ـ وسألت الشيخ مرة عن علماء منطقة سواحل الشمال الشرقية من (مرتيل) إلى حدود (وادي لو)  وهم بنو سعيد فذكر منهم : (برقّاد) وله حاشية على الأجرومية يحتفظ الشيخ بنسخة منها و(الخراز) و(بن تدا) وينطقها العوام(بن تودا) و(المفضل أزيات) وهو شاعر صوفي له ديوان منه نسخة عند الشيخ وليس أصله سعيديا وأصل بني سعيد من الأندلس من عرب اليمن العنزيين.
22ـ وأخبرنا الشيخ أنه لم يصح عن الشاذلي إلا حزبان: (حزب البر وحزب البر) ثم أخبرنا أن عبد الهادي التازي زاد عليهما حزب الجو !!
23ـ وأخبرنا أنه لقي مرة طالبا إباضيا فسأله عن مذهب التكفير عندهم فقال : (نحن لا نكفر إلا الحكام)!!
قلت: والإباضية لا يزالون في بعض مناطق الجزائر .وقد كان بعض علمائهم منتميا لجمعية الشيخ ابن باديس في الجزائر.وكان الشيخ يستغرب ذلك !
24ـ وأخبرنا أن الريسوني ملك جبالة كان إذا ركب فرسا أنهكها وربما ماتت !
25ـ وأخبرنا أن مالكية تونس أكثر تعصبا من مالكية المغرب!
26ـ أخبرنا الشيخ أن أول من فهم من قول مالك في المدونة في الاعتماد (لا أعرفه) أنه المنع من القبض الفقيه التاتائي وهو من علماء القرن الثاني عشر
27ـ أخبرنا شيخنا عن الاستشراق وسمى لنا عددا من مشاهيرهم وهم : (زويمر) و(كولد زيهار) و(كارل بروكلمان) و(كازانوفا) و(مارجليوس)
28ـ وسألته عن المستشرقين الإسبان فسمى لي : (أسيل بلاثيوس) الراهب صاحب كتاب في التعريف بابن حزم ومترجم كتابه الفصل و(كوديرا) و(كونزاليس)
29ـ وسألت الشيخ عن (كوستاف لوبون) وكتابه( حضارة العرب) فأخبرني بأنه طبع أكثر من عشرين مرة.
30ـ أفادنا الشيخ عن (عبد الرحمن بدوي المصري)  وأثنى عليه وعلى علمه كثيرا وأخبرنا بأنه كان يقيم في أوروبا وكان يجيد لغات منها (الهيروغليفية) و(السريالية) وغيرها من اللغات القديمة وهو صاحب كتاب (المستشرقون ) وهو أفضل ما ألف في الموضوع في مجلد وأن له نحو مائة من الكتب ما بين مؤلف عربي ومترجم ثم أخبرنا أن لنجيب العقيقي كتابا بنفس الاسم في أربعة مجلدات ضخمة وأن الأمير شكيب أرسلان أحد من يجيدون الحديث في الموضوع.
قلت: وقد استغربت من الشيخ عبد الرحمن ثناءه على كثير من المستشرقين ويترحم على بعضهم وفي إسلامهم نظر.
31ـ أخبرنا شيخنا عن بعض المستشرقين الذين أنصفوا الإسلام في كتاباتهم وهم : (درابير) و(كوستاف لوبون) وهو صاحب الكلمة الشهيرة في كتابه(حضارة العرب)(لم ير العالم فاتحا أرحم من العرب) و(لورا وزدريد)
32ـ وأخبرنا الشيخ عن (محمد أسد) (يبولد فايس النمساوي اليهودي سابقا) وأن له كتاب (الإسلام على مفترق الطرق) وكتاب (الطريق إلى الإسلام )ترجمه (منير البعلبكي) فصار اسمه (الطريق إلى مكة)
33ـ وأخبرنا أن من أفضل الردود على المدعو (روجي جارودي) رد أبي بكر القادري في جريدة (العلم) في حلقات.
34ـ وأخبرنا الشيخ عن مستشرقين آخرين سماهم وهم : (اللورد كرومار) و(سيديو) وزير خارجية فرنسا سابقا و(هانتو) وهو الذي يرد عليه محمد عبده.
35ـ أخبرنا الشيخ عن الفقيه (الفتوح) وأنه كان يفتي في جامع العيون بأن الزوج لو طلق زوجته الطلقة الثالثة لم تحرم عليه وجاز له نكاحها ولو لم تنكح زوجا غيره فلما روجع قال لهم: أما الآية فصدق الله العظيم, وأما هؤلاء فعسكر.يقصد أنهم لا يحسبون على الإسلام.
36ـ أفادنا الشيخ أن (سيد المرصفي) الأزهري كان آية في اللغة, يحفظ بعض كتبها كلسان العرب وغيره, وحكى عنه أنه في بعض المرات نبه تلاميذه, وفيهم (زكي مبارك) وطه حسين وغيرهما عن شاهد في لسان العرب, فأخبره زكي بأنه لا يملك الكتاب فقال له: (قم الآن وبع جبتك واشتره).
37ـ وسألت الشيخ عن أشهر كتب اللغة المعتمدة فكان جوابه في سياق الحديث على الأندلس قال : للأندلسيين كتابان لا مثيل لهما عند المشارقة وهما (المحكم) و(المخصص) لابن سيده البطليوسي.بفتح الموحدة والطاء,وتسكين اللام وفتح المثناة وتسكين الواو
38ـ أخبرنا الشيخ عن الفقيه الرهوني التيجاني وزير العدلية بمدينة تطوان وذكر أنه كان يدخل الحمام مع زوجته وحدهما فإذا فرغا دخل الناس بعد, فلما مضت عنه الدنيا لقيه الشيخ في الحمام ضعيف البصر يتحسس ملابسه الرثة وذكر أنه أنكر على القائمين على الحمام فاعتذروا بأنه لا يؤدي الثمن في حكاية حكاها الشيخ عبرة.
قلت: وهو غير الفقيه مْحمد (فتحا) الرهوني مفتي فاس وصاحب الحاشية على شرح الزرقاني على مختصر خليل. ومعنى (فتحا) أي أن ميم (محمد) تنطق مسكنة.
39ـ وأخبرنا أن (المطيعة) وكانت تسمى (العاصية) هي قرية الشيخ بخيت المطيعي ومنها أيضا الشيخ محمد نجيب المطيعي الذي كان قبطيا نصرانيا فأسلم وكان محاميا وهو شيخ أبي إسحاق الحويني .
40ـ وأخبرنا أن الإمام (النووي) لم يتم شرحه على المهذب فشرحه (السبكي) ولم يكمله ثم شرحه( الأذرعي) في جزء لم يظهر ثم أتمه الشيخ (محمد نجيب المطيعي )
41ـ وأخبرنا شيخنا أن مما ألف في الأخطاء الشائعة في اللغة :
(إيراد اللآل من إرشاد الضوال) لابن خاتمة
(أغلاطي) لتقي الدين الحلي
(منظومة) كبيرة للشيخ محمود الآلوسي وقد طبعت
(معجم الأخطاء الشائعة) في مجلد ضخم لرجل اسمه الخرشيد العدناني وله كتاب آخر في الموضوع.
(لغة الجرائد) لناصف اليازجي
(تقويم اللسانين)  لتقي الدين الهلالي
42ـ وأخبرنا أن للشيخأاحمد ابن الصديق كتابين في تخريج حديث (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا ...) الأول مطبوع واسمه (سبل الهدى, في إبطال حديث اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا) والثاني مخطوط واسمه(إياك, من الاغترار بحديث اعمل لدنياك)
43ـ أخبرنا الشيخ أن أول  ما سمع من شيخه ابن موسى المراكشي الوزير شعرا قوله :
الله يغفر ذنبا سود الصحفا
قلت: وللشيخ الوزير ديوان جمعه شيخنا بوخبزة انتخبت منه لنفسي وهو حافل.
44ـ وأخبرنا قال : كنا نقول : من حفظ (الدمياطي) و(حمزة) صار أحمق.
45ـ أخبرنا الشيخ أن زُبِيْدَة قالت في زوجها هارون الرشيد لما غاب عنها :
أوحشت مذ غبت جميع الورى       إلا أنا مذ غبت آنستني
سكنت الفؤاد فما ينبغي       يقال للساكن أوحشتني
46ـ وأخبرنا أن بعضهم حرقه محبوبه فقال وهو يحرق وجهه:
يا محرقا بالنار وجه حبيبه        مهلا فإن مدامعي تطفيه
أحرق بها جسدي وكل جوارحي         واحرص على قلبي فإنك فيه
47ـ وأخبرنا شيخنا أن (سيدي محرز) طلب من ابن أبي زيد تأليف الرسالة فجعلها في المحراب ودعها لمن قرأها بأربعة أمور
طول العمر وسعة الرزق والصحة والرابعة نسيتها.
48ـ وأخبرنا أن لأبي العلاء كتابا اسمه (الأيك والغصون) وجدوا منه مجلدا واحدا وهو في مائة مجلد!!
49ـ وأخبرنا أن لليفرني كتاب (المسلك السهل شرح توشيح ابن سهل)
قلت: اليفرني تلميذ المقري صاحب نفح الطيب . وقد ترجم له في كتاب سماه(النور البدري في ترجمة ابن المقري) والملاحظ أنه سكن (القاف) في (المقري) ومعلوم الخلاف في وجه نطق النسبة. فإنك تجد في نفح الطيب له أبياتا تضمنت ذكر النسبة وقد فتحت قافها؟!والشيخ بوخبزة يقول: إن الشائع المشهور بالتسكين
50ـ وأخبرنا أن الأستاذ (محمد عبد القادر زمامة الفاسي) كان من المطلعين على ما كتب من الوثائق والمخطوطات, وكان يكتب في (دعوة الحق) مقالات في الوجادات والمخطوطات.
51ـ وأخبرنا أنه تنسب لشيخ الإسلام ابن تيمية وصيتان واحدة مراكشية والأخرى سبتية.!
52 ـ أخبرنا شيخنا عن حاخامات مغاربة لليهود فسمى لنا:
(يوسف بيبس), و(ليفي خلفون), و(دانان), و(ابن كسيس), و(دينار) ,و(ابن الوليد).
53 ـ وأنشدنا لغيره:
خلت الرقاع من الرخا        خ ففرزنت فيها البيادق
قلت: لعله لابن شرف القيرواني إذ يقول:
قالوا تصاهلت الحميـ        ر فقلت من عدم السوابق
خلت الدسوت من الرخا        خ ففرزنت فيها البيادق
54 ـ وأخبرنا أنه كان للشيخ الكتاني (200) شيخ وللشيخ أحمد ابن الصديق( 116) وأنهما كانا يتنافسان إلى درجة جعلت أحمد بن الصديق يروي لخادمة له ثم يروي عنها استزادة من (الشيخات) !
55 ـ وأخبرنا أن (الشُّطَيبي) شرح الحكم العطائية وغريب الكتاب , وكان قد جاء من الأندلس ومات في بني زروال بالمغرب.
56 ـ أخبرنا الشيخ عن العائلة الناصرية المغربية المعروفة. وكان مما أخبرنا به أن (محمد بن عبد السلام الناصري) له (الرحلة الصغرى والكبرى) و(لأحمد بن محمد بن ناصر الدرعي) صاحب الزاوية بتامكروت ( أجوبة وفتاوى) جمعها بعضهم و(لأحمد بن خالد الناصري) كتاب (طلعة المشتري في النسب الجعفري) طبعها المكي الناصري في جزأين, و(لمحمد بن اليمني الناصري) أخو المكي كتاب (ضرب نطاق الحصار).
57ـ أخبرنا الشيخ قال : إذا سمعت فقيها في البادية يخبرك عن نفسه أنه إمام في المعقول والمنقول فاعلم أنه يقصد بالمعقول (الأجرومية والألفية) و(السلم) و(لامية الأفعال) , وبالمنقول (تحفة الحكام) لابن عاصم و(المرشد المعين) لابن عاشر و(مختصر خليل)!
58 ـ سألت شيخنا عن ما نظمه المغاربة في العقيدة فقال: (الدرة السنية) لابن المناصف  , وهي أربعة مطالب أحدها في العقيدة.و(نظم الأحسائي) لمقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني و(إضاءة الدجنة في عقائد أهل السنة) للمقري وهي في نفح الطيب وقد شرحها الشيخ عليش ,و(المنبهة) لأبي عمرو الداني, و(التنبيه والإرشاد في علم الاعتقاد) ليوسف المراكشي الضرير و(لامية) لبعض الجزائريين و(نظم لمرشدة) ابن تومرت لمجهول.
قلت : والمطالب الثلاثة الأخرى من مطالب المقري هي مطلب في الفقه والسيرة وأصول الفقه.ونظم الأحسائي وإضاءة الدجنة والمنبهة مطبوعة, وجزء الفقه في الدرة السنية حققه بعض الطلبة عندنا بالمغرب.وكلها في العقيدة الأشعرية إلا (الرسالة) كما هو معلوم.
59 ـ وأخبرنا أن قبيلة (الحمار) بغرب المغرب أصلها من (حِـمْيَر).
60 ـ وأخبرنا عن الشيخ (المنوني) أنه أخبره أنه عثر على رسالة للغزالي يذكر فيها أنه لقي (المهدي)ابن تومرت الموحدي المراكشي.
قلت: هو المدعي للمهدوية والتوحيد,الدجال الكذاب الساحر. رأس السفاحين الأشاعرة ببلاد المغرب.
61 ـ وأخبرنا أن الشيخ (محمد بن جعفر الكتاني) رحل من الحرم بعدما كان يريد المجاورة إلى الشام, فاستقر بدمشق , وكان السلطان عبد الحميد التركي يرحل كل الأجانب عن الحجاز بسبب الثورة العربية للتحرر من الخلافة, وكان محمد قد عاد إلى المغرب ومات به, وكان قد ترك بدمشق ولدين هما (المكي بن محمد) و(محمد الزمزمي) وكان هذا الأخير يأتي إلى المغرب مرارا من أجل جمع المال واستغلال المريدين. وكان منهم (الشيخ الحاج الرهوني) صاحب تاريخ تطوان, ومات الزمزمي بفاس وترك بالشام ولدين هما المنتصر الذي رد عليه الشيخ الألباني, والناصر الذي مات في حادثة سير ودفن بـ(كريفلة) قرب عبد الله بن ياسين.وللكتانيين بالشام منزلة اجتماعية معروفة.
62 ـ وأخبرنا أن علاء الدين الكاشاني ألف كتاب (بدائع الصنائع) وهو شرح لكتاب (التحفة) للسمرقندي في الفقه الحنفي وكان صداقا لزواجه من ابنته, ولذلك قيل: (شرح تحفته فزوجه ابنته).
63 ـ وأخبرنا أن للطيبي شارح مرقاة المصابيح (الخلاصة ) في المصطلح, وحاشية على (الكشاف) و(رفع الخصاصة بشرح الخلاصة) في اثني عشر مجلدا.
قلت: ألف الفقيه الرهوني رسالة في شرح ألفية ابن مالك سماها أيضا : (رفع الخصاصة عن طلاب الخلاصة)
64 ـ وأخبرنا أن الفقيه داود صاحب تاريخ تطوان زار الشيخ عبد الحي الكتاني ليسأله عن مظان تاريخ تطوان, فجلس عنده ضيفا نحو شهر , فكان يدله على مواضع في مكتبته لمخطوطات ورسائل وظهائر من حفظه.
65ـ وأخبرنا أن مولاي عبد الحفيظ العلوي كان يدرس بالجامع الكبير بطنجة وكان الذي يسرد له الشيخ الفرطاخ وأنه كان يعطي الطلبة ريالا ذهبيا.
67ـ وأفادنا الشيخ بأن المقري تنطق بطريقتين, بتشديد القاف وفتحها, وبسكونها, والأقرب أن تكون بالسكون, فقد ترجم له تلميذه اليفرني في كتاب له سماه (النور البدري في ترجمة المقري).والله أعلم.
قلت: وفي نفح الطيب أبيات في ذكر المقري الجد منظومة على مذهب تشديد القاف وفتحها فالله أعلم.
68ـ أخبرنا الشيخ أم مدراس الفقه المالكي ثلاثة : مدرسة المغاربة ومعهم الأندلسيون ومدرسة المصريين والحجازيين وهم الأقرب إلى تحقيق المذهب لأن منهم كبار تلامذة مالك كابن القاسم وابن وهب ومدرسة العراقيين ومنهم ابن خويزمنداد والقاضي عبد الوهاب
قلت : وقد كان هؤلاء العراقيون أقوى المدارس في المناظرة والحديث عموما.وامتاز ابن عبد البر بعلم الحديث وابن العربي وأبو الوليد الباجي بقوتهما في الحجاج بسبب رحلتهما إلى المشرق وأخذهما علم المناظرة والحديث.
70ـ حضرت مرة بدار الشيخ مجلسا اجتمع فيه بشيخنا عدنان عرعور حفظهما الله تعالى عام 1422, فتجاذبا الحديث في حكم التصوير الفوتوغرافي, وكان حوارا جميلا يفوح أخوة واحتراما, فلما استأذن شيخنا الشامي, ودعه شيخنا ثم قال له : لا تجعلها بيضة الديك, فأجاب الشيخ عدنان متبسما : لا, ولكن سأجعلها مسمار جحا إن شاء الله, فكان ألطف افتراق.
71ـ أخبرنا شيخنا أنه لم يبك إلا في مكان واحد, قال: حين وضعت صدري على الملتزم بالبيت العتيق .قال : وقد نشفت عيناي من الدموع, أتذكر رسول الله  وهو يضع صدره ولحيته على الملتزم فأرخي العنان لدموعي.
72ـ أنشدنا شيخنا لغيره قال :
قالوا لمسلم فضل        قلت البخاري أولى
قالوا المكرر فيه        قلت المكرر أحلى
76ـ أخبرنا الشيخ أن أول كتاب طبع بفاس على الحجر كتاب (الشمائل) للترمذي.
77ـ وأخبرنا أن من أنواع الورق الذي كان يستعمله النساخون :(الورق الديواني) و(الورق الشاطبي) و(الورق الكتابي) بفاس
78ـ وأخبرنا أن على طبقات الحفاظ للذهبي ذيلين , أحدهما (ذيل الحسين)ي, والثاني (لحظ الألحاظ) للسيوطي وهو مطبوع بتحقيق الكوثري .
79ـ   وأخبرنا أن طبوع الغناء أربعة وعشرون طبعا على عدد ساعات اليوم, ضاع منها اثنا عشر طبعا وبقي اثنا عشر.
80ـ وأخبرنا أن لعبد الغني النابلسي كتاب (تعطير الأنام بتفسير المنام) وقد طبع وفي هامشه كتاب (تفسير الرؤيا) لعلي بن أبي طالب القيرواني المكي.
قلت: وعن القيرواني هذا ينقل ابن القيم رحمه الله تعالى كثيرا في كتابه (الروح)
81ـ وأخبرنا أن أول كتاب عربي طبع في أوربا كتاب (القانون) في الطب للأستاذ ابن سينا.
82ـ أخبرنا شيخنا قال : حدثني شيخنا أحمد بن الصديق أنه دُل على شيخ قيل إنه حافظ مسند,له أسانيد عالية, فتكلف الشيخ السفر إليه, فلما لقيه وجده عجميا لا يكاد يبين, وروى له إسنادا واحدا للبخاري ممسوخا بالأخطاء, فأنشد قائلا وهو لغيره:
نزلوا بمكة في قبائل نوفل        ونزلت بالبيداء أبعد منزل
83ـ وأنشدنا لغيره قال :
يا زارع الريحان حول خيامنا        لا تزرع الريحان لست تقيم.
84ـ أخبرنا شيخنا أن الحلوي التطواني الشاعر مدح الملك الحسن الثاني بقصيدة منها :
ولو كان غير الله يعبد لم يكن        وربك في الدنيا سواك ليعبد
85ـ وأخبرنا أن المسلمين المغاربة في فاس من أصل يهودي كانوا يسمون (البلديون) ومنهم علماء وسمى الشيخ خمسة منهم , هم (المنجور) و(الكوهن) و(ميارة) و(ابن زكري) و(ابن شقرون).
86ـ وأخبرنا أن أبا حيان الأندلسي اختصر كتاب المحلى!.
87ـ وأخبرنا الشيخ أن الشيخ الألباني قال له في إحدى زيارتيه لمدينة تطوان  : (كان المسلمون يعيشون أزمة عقيدة, أما الآن فأضيفت لها أزمة الأخلاق).
88ـ وأخبرنا أن الشيخ (راغب الطباخ الحلبي) له كتاب(إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء) و(الأثبات الحلبية) وتحقيق(مقدمة ابن الصلاح).
89ـ وأخبرنا أن لأبي القاسم السهيلي ـ وكان قد جاء من مالَقَة إلى مراكش وكان أعمى ـ زيادة على كتابه (الروض الأنف) كتاب (الأمالي) وكتاب في الفرائض.وأن نسبته (السهيلي) إلى (سهيلة)
90ـ وأخبرنا أن المغاربة كانوا يعيرون البلديين بأصلهم اليهودي ـ والبلديون نسبة أطلقوها على كل مغربي بفاس مسلم أصله يهودي ـ , فألف الفقيهان المالكيان البلديان ميارة شارح المرشد المعين وابن زكري في الرد على ذلك.
91ـ وأخبرنا أن لابن دحية الكلبي شرح على كتاب الشهاب للقضاعي.
92ـ سألت شيخنا عن حكم طبع كتب أهل البدع, فقال : إن كان خيره يغلب شره جاز طبعه مع التنبيه على ما فيه من البدع والرد عليها, وإن غلب شره خيره لم يجز طبعها.
93ـ وجرى حديث في مجلس عن السقاف , فقال الشيخ : (أمطه عنك ولو بإذخر).
94ـ وأخبرنا الشيخ عن الفقيه داود التطواني ـ وهو فقيه من أوائل الصحافيين في المغرب,  ـ أنه قال واصفا حال أسمهان ـ أخت المغني اللبناني فريد الأطرش ـ مع السكر : (كانت لا تحب أن ترى الكأس فارغا ولا مملوءا).
95ـ وأخبرنا أن المالكية يقولون عن (ابن مغيث المالكي) : لا أغاثه الله.وسبب ذلك أنه أفتى بعدم إجازة الطلاق ثلاثا بلفظ واحد.واستغرب منهم اليوم جريان العمل بالذي استنكروه قديما في المحاكم بعدما سطر في مدونة الأحوال الشخصية المغربية.
96ـ  وأخبرنا أن الملك الحسن الثاني استدعاه مرة ليعرض عليه منصبا في الديوان ليكتب الظهائر بالخط المغربي بإيعاز من صاحبه عبد الوهاب بن منصور مؤرخ المملكة المغربية.فوعده الشيخ خيرا, ثم مضى الوقت ولم يكن شيء من ذلك .
97ـ وأخبرنا أنه سمع الشيخ المنُّوني رحمه الله يقول : (البحث مِرْزَاقْ ), يقصد أن من اشتغل بالبحث رزق الفوائد.
98ـ وأخبرنا أن الفقيه داود عندما أراد أن يجمع الأمثال العامية التطوانية , فسأل بعض شيوخ البلد أن يخبره عن مثل يبدأ به كتابه تبركا فقال له :(قلة الشّْغُلْ مصيبة). أي أن قلة الاشتغال بالمَهِمِّ مصيبة.
99ـ وأخبرنا أنه حينما زار الشيخ الحويني بكفر الشيخ, كان يبالغ في العناية به, فكان يصحبه في صعود السلالم قائلا : على رسلك يا شيخ, وطلب الشيخ منه أن يأخذ صورة فتوغرافية معه, فقال له الحويني : أعذرني يا شيخ فلست أرى جواز ذلك,وكتب له الشيخ إجازة بخط مغربي فظهر تعجب الشيخ الحويني وفرحه بها .
قلت: وكان الشيخ حسين يعقوب قد زار شيخنا بوخبزة في بيته واستجازه وبلغه سلام الشيخ الحويني بل كلمه عبر هاتف الشيخ حسين حينها وكان سفره إليه بطلب من الحويني لجمع مخطوطات لصحيح مسلم أظن.
100ـ وأخبرنا أن الشيخ مشهور حسن سلمان اتصل به هاتفيا وطلب منه أن يجيزه في مروياته عن الشيخ الألباني رحمه الله
وكان يتعجب من ذلك كثيرا.فسبحان الله.
قلت: إنما تعجب لأن الشيخ الألباني لم يجز أحدا في مروياته.إلا الشيخ بوخبزة .وكان الشيخ يقول لنا قد لقيت الشيخ الألباني قبل أن يولد بعضهم.
وفي الرد البرهاني للشيخ علي حسن الحلبي إشارة لهذا.قال الشيخ علي في الرد البرهاني (ص91): (إني أعلم يقينا أن شيخنا رحمه الله لم يجز إنسانا طول عمره أي إجازات حديثية) ثم قال في الحاشية : (سوى ما كان بلغني من خبر إجازته رحمة الله عليه لفضيلة الشيخ محمد بن الأمين أبي خبزة المغربي ـ أطال الله عمره ـ قبل نحو أربعين سنة. ولكنها إجازة شفهية ـ أولا ـ وببعض المؤلفات الشخصية للشيخ ـ ثانيا ـ)اهـ
قلت: كل من يروي عن الشيخ بوخبزة إجازة عامة سيمر قطعا بالشيخ الألباني.جمعنا الله بهؤلاء الصالحين في فردوسه. آمين.

كتبه أبو عبد الله طارق بن عبد الرحمن الحمودي
    تطوان


قراءات في كتاب المدخل لابن الحاج المالكي

                             



قراءات في كتاب المدخل
لابن الحاج المالكي


جمع وتعليق
أبي عبد الله طارق بن عبد الرحمن الحمودي التطواني


النهي عن مخالفة السنة خشية كلام الناس
1ـ قال في (4/303) : وليحذر مما يفعله بعضهم وهو أنه إذا قيل له عن اتباع السنة وترك البدعة يقول : لا يمكنني ذلك في هذا الزمان لئلا يقع الناس في عرضي ويتكلمون في فأكون سببا في إيقاعهم في المحرمات أو المكروهات وهذا جهل منهم بطريق القوم .
قال : فيتعين إلى المريد الطالب لخلاص مهجته ترك الالتفات إلى هذه الأشياء وأشباهها ويعد الخلق كأنهم موتى لا يحسب إلا حساب السنة فيتبعها ومن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط لأن النظر إلى ما يصدر من الناس يشغل الخاطر ويكثر الوسواس والحقد ويقطع عن الاتباع.وقد كان بعض السلف  أراد أن يعلم ابنه السلوك وأن يفطمه عن النظر إلى الخلق فخرج راكبا على دابة هو ووالده، فقال بعض الناس : انظروا إلى هذين كيف ركبا على هذه الدابة وهي لا تطيق. فنزل ولده عنها وبقي الوالد راكبا، فقالوا : انظروا إلى هذا الرجل كيف هو راكب وولده يمشي، وكان الولد أولى منه بالركوب، فنزل الوالد، وركب الولد فقالوا : انظروا إلى هذا الولد ما أقل أدبه، أبوه يمشي على أقدامه وهو راكب، فقال لولده : انزل، فنزل عن الدابة، ومشيا على أرجلهما وتركا الدابة تمشي دون راكب عليها فقالوا : ما أقل عقل هذين يمشيان على أقدامهما والدابة لا راكب عليها أو كما جرى، فقال لولده : أنظر إلى هذا الأمر واعتبر به، فإنه لا يسلم أحد من القيل والقال فيه، وإن عمل ما عمل، وقد رأيت عيانا، فعلم ولده ترك النظر للمخلوق بالفعل.


بدعية الجهر بالنية
2ـ قال (2/275) :" وما تقدم من أن النية لا يجهر بها فهو عام في الإمام والمأموم والفذ فالجهر بها بدعة على كل حال إذ أنه لم يرو أن النبي  ولا الخلفاء ولا الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين جهروا بها فلم يبق إلا أن يكون الجهر بها بدعة".
تعريف البدعة
3ـ قال (2/276) :" وشيء لم يفعله النبي  ولا أحد من الصحابة فلا شك في أن تركه أفضل من فعله بل هو بدعة ".
التحذير من مخالفة ما كان عليه السلف الصالح
4ـ قال (4/286) :"فليحذر من تتبع عوائد كثير من الناس في هذا الزمان وما ركنوا إليه من أمور حدثت عندهم لم تكن في الصدر الأول والخير كله منوط بالاتباع لهم وترك ما حدث بعدهم كيفما كان كم اعتقاد أو علم أو عمل اللهم إلا أن يكون شيء قد ندر وقوعه فينظر فيه على مقتضى قواعدهم وفتاويهم فيما يشبه ذلك كما سبق".
بدعية المصافحة عقب الصلوات
5ـ قال(2/219) :"فصل: وينبغي له أن يمنع ما أحدثوه من المصافحة بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر وبعد صلاة الجمعة بل زاد بعضهم في هذا الوقت فعل ذلك بعد الصلوات الخمس وذلك كله من البدع وموضع المصافحة في الشرع إنما هو عند لقاء المسلم لأخيه لا في أدبار الصلوات الخمس وذلك كله من البدع فحيث وضعها الشرع نضعها فينهى عن ذلك ويزجر فاعله لما أتى من خلاف السنة"
السنة في تكبير العيد
6ـ قال (2/289):"وقد مضت السنة أن أهل الآفاق يكبرون دبر كل صلاة من الصلوات الخمس في أيام إقامة الحج بمنى فإذا سلم الإمام من صلاة الفرض في تلك الأيام كبر تكبيرا يسمع نفسه ومن يليه وكبر الحاضرون بتكبيره كل واحد يكبر لنفسه ولا يمشي على صوت غيره على ما وصف من أنه يسمع نفسه ومن يليه فهذه هي السنة، أما ما فعله بعض الناس اليوم من أنه إذا سلم الإمام من صلاته كبر المؤذنون على صوت واحد على ما يعلم من زعقاتهم في المآذن ويطيلون فيه والناس يستمعون إليه ولا يكبرون في الغالب وإن كبر أحد منهم فهو يمشي على أصواتهم وذلك كله من البدع إذ أنه لم ينقل أن النبي  فعله ولا أحد من الخلفاء الراشدين بعده، وفيه إخراق حرمة المسجد رفع الأصوات فيه والتشويش على من به من المصلين والتالين والذاكرين".
 7 ـ وقال (2/285) :"ثم إنهم يمشون على صوت واحد وذلك بدعة لأن المشروع إنما هو أن يكبر كل إنسان لنفسه ولا يمشي على صوت غيره".
النهي عن مخالفة السنة بدعوى عمل الآباء والمشايخ
 8 ـ قال (3/95) :"إذا قلت لبعضهم اليوم السنة كذا يكون جوابه لك على الفور : عادة الناس كذا وطريقة المشايخ كذا فإن طالبته بالدليل الشرعي لم يقدر على ذلك إلا أنه يقول نشأت على هذا وكان والدي وجدي وشيخي وكل من أعرفه على هذا المنهاج ولا يمكن في حقهم أن يرتكبوا الباطل أو يخالفوا السنة فيشنع على أمره بالسنة ويقول ما أنت أعرف بالسنة ممن أدركتهم من هذا الجم الغفير ".
بدعة التكلف في الأضحية من أجل الناس
9 ـ قال (1/284) :" إذا قلت للفقير من أهل المغرب لم تتكلف الأضحية وهي لا تجب عليك، فيقول : قبيح من الجيران والأهل والمعارف أن يقولوا فلان لم يضح، فصارت هذه القربة بالنظر إلى فعلها وتركها مشوبة بالنظر إلى الخلق وتحسينهم وتقبيحهم فإنا لله وإنا إليه راجعون"
كلمة في ختان الصغير
10 ـ قال في ختان الذكر بعد أن ذكر جواز الختان يوم السابع إلى ما قبل البلوغ (3/296) :" وأما ختانه حين المراهقة فهو المتعين لأن كشف عورته بعد البلوغ محرم لكن يدخل عليه في ذلك الألم الشديد والبطء في البرء بخلاف الصغير فإن ألمه خفيف وبرأه قريب".
الخير كله في الاتباع والشر كله في الابتداع
11 ـ قال (3/291):" اللبيب من سلم نفسه وأهله وولده إلى الشرع الشريف وترك كل من أحدثه المحدثون لأن كل من أحدث شيئا فالغالب أنه يعلله بتعاليل لا يقوم منها شيء على ساق لكن لا يظهر باطلها إلا لأهل العلم والبصيرة والتمييز غالبا فليحذر من العوائد الرديئة كائنة ما كانت وحيث كانت فالخير كله في الاتباع والشر كله في الابتداع".
12 ـ قال (3/274):" وبالجملة فالبدعة إذا عملت في شيء كثرت المفاسد فيه وقل أن تنحصر بضد ما هي السنة فإنها إذا امتثلت في شيء أنار واستنار وتجمل والحمد لله وحده".
وجوب تقديم العلم على العمل
13 ـ قال :"إذا دخل المكلف في عمل من أعمال الآخرة فمن شرطه أن يكون تابعا للعلم فيه".
سماحة الشريعة
14 ـ الشريعة والحمد لله سهلة سمحة على الصغير والكبير والذكر والأنثى والحر والعبد كل يسر الله عليه أمر عبادته ولم يكلفه من العمل فوق طاقته"
سنة الله في أهل البدع
15ـ قال (4/248):" هذه سنة الله أبدا جارية فيمن يحاول إخماد سنة وإظهار بدعة، أن كلامه يكون متناقضا متباينا ، فالرد عليه من كلامه، فكفى الغير مؤونة ذلك، إذ أن الحق واحد لا يتغير ولا يزيد ولا ينقص، قال الله سبحانه وتعالى:ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا".
الغلو في الدين
16ـ (4/251) :"من زاد في الدين ما ليس منه فهو الذي ينسب إلى الغلو، بخلاف من ترك البدعة وذمها فإنه لم يزد شيئا على ما قرره الشرع الشريف "
البدعة عند العلماء
17ـ قال (4/259) :" البدعة عند العلماء ما اخترعه المرء من قبل نفسه ولم يسبق إليه غيره".
وجوب اتباع السلف
18ـ قال (4/261) :"إن الثواب إنما يترتب على امتثال الكتاب والسنة واتباع السلف الماضين رضي الله عنهم".
البدعة بين العقل والشرع
19 ـ قال (4/262):" إن الشريعة منقولة محفوظة لا عقلية ولا قياسية، نعم، الفقهاء يعللون الأحكام الشرعية بعد ثبوتها بالأدلة الشرعية، وأما أن يخترع الإنسان من قبل نفسه شيئا ويعلله بعقله فبعيد عن وجه الصواب غير معقول عند ذوي الألباب".
كلمة في الاتباع
20ـ قال (4/263 و264):" ليست العبادة بالعادة ولا بالاستحسان ولا بالاختيار وإنما هي راجعة إلى امتثال أمر المولى سبحانه وتعالى مع بيان رسوله المعصوم في الحركات والسكنات صلوات الله عليه وسلامه، فحيث مشى مشينا وحيث وقف وقفنا، وكذلك يتعين الرجوع إلىما استنطه العلماء وأفادوه من كتاب الله عز وجل، وحديث رسوله  مما للقياس فيه مدخل.
اتباع السلف
21ـ قال(4/264) :" ما حدث بعد السلف رضي الله عنهم لا يخلو إما أن يكونوا علموه وعلموا أنه موافق للشريعة ولم يعملوا به، ومعاذ الله أن يكون ذلك إذ أنه يلزم منه تنقيصهم وتفضيل من بعدهم عليهم، ومعلوم أنهم أكمل الناس في كل شيء وأشدهم اتباعا،وإما أن يكونوا علموه وتركوا العمل به، ولم يتركوه إلا لموجب أوجب تركه فكيف يمكنه فعله؟ هذا مما لا يتعقل!وإما أن يكونوا لم يعلموه، فيكون من ادعى علمه بعدهم أعلم منهم وأفضل وأعرف بوجوه البر وأحرص عليها ولو كان ذلك خيرا لعلموه ولظهر لهم ، ومعلوم أنهم أعقل الناس وأعلمهم، وقد قال مطرف بن الشخير: عقول الناس على قدر أزمنتهم. ولأجل هذا المعنى لم يكن عندهم إشكال في الدين ولا في الاعتقادات لوفور عقولهم وإنما حدثت الشبه بعدهم لما خالطت العجمة الألسن ، فلنقصان عقول من بعدهم عن عقولهم وقع ما وقع".
التقليد والاتباع
22ـ قال (1/73) :" لا يجوز أن يقلد الإنسان في دينه إلا من هو معصوم، وذلك صاحب الشريعة  ليس إلا أو من شهد له صاحب العصمة  بالخير وهو القرن الأول والثاني والثالث".
السنة والبدعة
23ـ قال(1/39 و50) :"ألا ترى إلى قوله عليه الصلاة والسلام (كيف بك يا حذيفة إذا تركت بدعة قالوا تركت سنة) لأن السنة إذا أطلقها العلماء فالمراد بها طريقة صاحب الشريعة صلوات الله وسلامه عليه وعادته المستمرة على ذلك قال الله تعالى (سنة الله التي قد خلت من قبل، سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا) أي عادة الله تعالى التي خلت من قبل وعادة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا فلما أن ارتكبنا عوائد اصطلحنا عليها بحسب ما سولت لنا أنفسنا صارت تلك العوائد التي ارتكبناها ومضينا عليها سنة لنا فإذا جاءنا من يعرف السنة ويعمل بها أنكرنا عليه لأنه يعمل بخلاف سنتنا وقلنا هذا يعمل بدعة بالنسبة إلى سنتنا التي اصطلحنا عليها فإذا نهانا عن عادتنا وأمرنا بتركها وتركها هو قلنا هذا يترك السنة أي يترك السنة التي اصطلحنا عليها فجاء ما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتقدم سواء بسواء فإنا لله وإنا إليه راجعون".
العوائد
24ـ قال (1/50):"لا شك أن الرجوع إلى العوائد من غير علم بها والاستمرار على ما نحن فيه من الاصطلاحات سخف في العقل وحرمان بين"


ميزان الاتباع
25ـ قال (3/208) :"لا ننكر الانتماء إلى المشايخ بشرطه وهو أن يكون عند المريد شيخه وغير شيخه بالسواء بالنسبة إلى الاتباع وترك الابتداع "
غربة أهل السنة وسط أهل البدع
26ـ قال (3/211) :من مشى على لسان العلم واتبع الحق والسنة المحمدية واقتفى آثار السلف الماضين رضي الله عنهم سيما إن أنكر عليهم ما هم فيه من عوائدهم الذميمة المخالفة للسنة، فالغالب من حال أهل هذا الزمان النفور منه لأنهم يزعمون أنه قد ضيق عليهم وهو إنما ترك العوائد والابتداع واتبع السنة المحمدية وتمسك بها وعادة النفوس في الغالب النفور من الحكم عليها، وقد قال عمر بن الخطاب  :" يا حق ما أبقيت لي حبيبا" وقد كان السلف  رضي الله عنهم على عكس هذه الحال من اتبع السنة أحبوه واعتقدوه وعظموه ووقروه واحترموه ومن كان على غير ذلك تركوه وأهملوه ومقتوه وأبغضوه ، حتى كان من يرد الرفعة عندهم والتعظيم ممن لا خير فيه يظهر الاتباع حتى يعتقدوه على ذلك، وأما اليوم فيعتقدون ويحترمون من يفعل العوائد المحدثة ويمشي عليها ولا ينكر على أحد ما هو فيه ."
تغيير المنكر بالقلب
27ـ قال(3/218) :"أقل ما يمكن في التغيير أن لا يرى شيئا يخالف السنة حتى يتعين عليه التغيير بالقلب، إذ أن أصعب ما في التغيير بالقلب لأن الغالب على القلب تدنيسه بما يشاهد ويرى ويسمع فقل أن يتأثر مع مداومة هذا الحال عليه فالتغير بالقلب وإن كان دون المرتبتين اللتين قبله فهو أصعب منهما بهذا الاعتبار فتأمله وما ذاك إلا لتأنيس القلوب غالبا بالعوائد المستمرة"
الاتباع في الدقيق والجليل
28ـ قال (2/221) :"مخالفة السنة لا تأتي بخير، والخير كله في الاتباع له عليه الصلاة والسلام في الدقيق والجليل".
بين اتباع العوائد، واتباع السلف
29ـ قال(3/251) :"ينبغي بل يتعين على من له عقل أن لا ينظر إلى أفعال أكثر أهل الوقت ولا لعوائدهم لأنه إن فعل ذلك تعذر عليه الاقتداء بأفعال السلف وأحوالهم فالسعيد السعيد من شد يده على اتباعهم فهم القوم لا يشقى بهم من جالسهم ولا من أحبهم،إن المحب لمن يحب مطيع"
العبادة في زمن الفتن
30ـ قال (3/289):"الخروج من بين أظهرهم في هذا الزمان متعذر، لأن المكلف لا يخرج إلى موضع آخر إلا ويجد فيه ما هو مثل ما خرج عنه أو يزيد عليه، فلا فائدة إذن في خروجه إلا حصول التعب والنصب والاستشارة وغيرها مما يبدد حاله ويمنعه من جمع خاطره والدأب في عبادة ربه عز وجل والنظر في خلاص مهجته إلى غير ذلك فالعزم على الانتقال مع موضع آخر يوجب ما تقدم وغيره. فالحاصل من هذا أن العازم على الانتقال في هذا الزمان يعوض عن ذلك لزوم بيته وترك الخوض فيما هم بصدده غير مفارق لجماعتهم فيحصل له بذلك بركة امتثال السنة لقوله  " نعم الصوامع بيوت أمتي" فإذا امتثل ما أمر به صاحب الشرع صلوات الله عليه وسلامه سلم من هذه الآفات كلها، وكأنه غائب عنهم فلم يضره بعون الله تعالى وبركة نبيه عليه الصلاة والسلام شيء مما هم فيه بل يكثر أجره ويعلو أمره عند ربه بحسب ما يجد في نفسه من القلق والانزعاج عند رؤية شيء من ذلك أو سماعه وهو مع ذلك ملازم لطاعة ربه ممتثل سنة نبيه عليه الصلاة والسلام، لم يزعزعه شيء من ذلك كله ، بل يرى ذلك غنيمة باردة سيقت له له فيغتنمها ويشكر الله على ما حباه منها، لقوله عليه الصلاة والسلام "العمل في الهرج كهجرة معي". "
ترك السنة ترك للخير
31ـ قال (1/137) :"السنة إذا تركت في شيء لا يأتي ما عمل عوضا منها إلا ترك الخير والخير كله بحذافيره في قدمه عليه الصلاة والسلام كما جاء في الحديث "الخير بحذافيره في الجنة" والجنة لا تنال إلا من تحت قدمه عليه الصلاة والسلام أعني باتباعه".
بدعية الدعاء بعد الصلاة جماعة جهرا
32ـ قال (2/281) :"يستحب لكل واحد من المصلين أن يدعو لنفسه ولمن حضره من إخوانه المسلمين من إمام ومأموم وليحذروا جميعا من الجهر بالذكر والدعاء وبسط الأيدي عنده أعني عند الفراغ من الصلاة إن كان في جماعة فإن ذلك من البدع ".
عمل أهل فاس !
33ـ قال(2/288):"قال الشيخ الإمام أبو عبد الله بن النعمان رحمه الله أنه أدرك بمدينة فاس والعلماء العاملون بعلمهم بها متوافرون أنهم كانوا إذا فرغوا من صلاة العيد صافح بعضهم بعضا، فإن كان يساعده النقل عن السلف فيا حبذا، وإن لم ينقل عنهم فتركه أولى"
بغض البدع ومحبة السنن
34ـ قال(2/304):"أقرب ما يتقرب به المتقربون إلى الله سبحانه وتعالى اليوم بغض البدع ومحبة السنن والعمل عليها ومحبة أهلها وموالاتها إذ أن الفن قد اندرس إلا عند من وفقه الله"
اتباع السنة واتباع السلف
35 ـ قال (3/184) :" اعلم وفقنا الله وإياك أن آكد ما على المريد اتباع السنة واتباع السلف الماضين رضي الله عنهم أجمعين، فيشد على ذلك يده وليحذر أن يميل أو يغتر بما قد أحدثه بعض الناس من أفعال لم تكن لمن مضى ، وقد تقدم أن الخير كله في الاتباع وعكسه في الابتداع".
الاتباع صلة للأرحام
36ـ قال (3/282و283): (صلة الرحم إنما هي مطلوبة في الشرع الشريف بالاتباع والامتثال لا بالابتداع بل الابتداع إذا فعل كان قطعا للرحم وإن كان يدخل به السرور في الوقت فهو في الحقيقة قطع....فبالسؤال تتبين له السنة فيتبعها وتظهر له البدعة فيتجنبها فيدخل بذلك في عموم قوله تعالى (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) فتحصل له المعية بسبب ذلك,وأي نعمة أكبر منها , لأن الباري سبحانه وتعالى إذا كان معه فقد أمن من العاهات والآفات وسلم دينا ودنيا)
حكم المنامات
37ـ قال(3/279): (المنام لا يترتب عليه حكم)









من قصص الفاينكغ في بلاد الأندلس




من قصص الفاينكغ في بلاد الأندلس
 
  جمع طارق الحمودي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
فإن الفايـــْكـِنْغ شعب من شعوب أوربا الشمالية القديمة, وبالتحديد المنطقة الإسكاندنافية حاليا(الدانمارك, والسويد والنرويج) .وهم شعب قديم عرف بهمجيته وشغفه بالحرب والتدمير وتقديسه لهما- إلى درجة أن جعلوا أكبر آلهتهم (أوطان) إله الحرب والحكمة!, ووفقا لأساطيرهم فإن لهذا الإله ابنا هو طور وهو إله الرعد.وله مطرقة حديدية ترمز للقوة والعنف.ومن اعتقاداتهم أن المقتول منهم في الحرب تأخذ روحه المحاربات الإسكندنافيات الممتطيات الأحصنة البيضاء الطائرة (الفالكيري) إلى الجنة وتسمى عندهم (الوالهالا) أو (الفالهالا) وهو قصر الإله (أوطان) الملك والذي يحظون عنده بشرف قتال أعدائه معه! وقد عرف عنهم الشدة في القتال والبأس في النزال,وقد كانوا يعتقدون أنهم مختارون من الآلهة لقتال الآخرين ,ولم  يعرف عنهم انهزام إلا في معارك نادرة جدا.وقد بحث علماء التاريخ والحفريات والأنثربولوجيا عن أسباب تمكنهم من هزيمة أعدائهم. فتضاربت النظريات.وقد عرفت عنهم غزوات بحرية كثيرة في أوروبا شرقها وغربها, شمالها وجنوبها, وكانوا يستغلون الأنهار للولوج إلى الأراضي الوسطى في أوروبا.وكانت أول ضربت لهم يوم  السبت 2 يونيو سنة (793 م) على دير لينسفارن في بريطانيا.فذبحو الرهبان وأخذوا كنز الدير .
والذي لفت نظري في تاريخ الأندلس أن جيشا أوروبيا من رجال الشمال هاجم إشبيلية عبر نهرها المعروف بالنهر الكبير الذي يصب في البحر الأبيض المتوسط.وذكرت المصادر الغربية أنهم أرادوا الوصول إلى إشبيلية عبر نهرها سنة (807 م) وكانوا من من الفايكنغ.فيئسوا إلى أن جاءت سنة ( 230 هـ) - الموافق لسنة (812 م) وفق بعض المصادر الغربية – فقد ذكر أبو بكر ابن القوطية في كتابه (تاريخ افتتاح الأندلس/ص78إلى 82) أنه في سنة (230 هـ) تغلب المجوس - (الفايكنغ) - على إشبيلية في عهد عبد الرحمن بن الحكم الأموي.فأخلى أهل إشبيلية إشبيلية , ولم يقاتل منهم أحد.فاستنجدوا بأهل قرطبة وما جورها , وقد كان المجوس تغلبوا على بساط لشبونة في أقصى غرب الأندلس فاستنفر الناس.وقارعهم المسلمون فلك يردوهم وكانوا عشرات الآلاف .ومما أوقعوه من الأذى في إشبيلية أنهم دخلوا المسجد الجامع واحرقوا سقفه. وأمر عبد الرحمن ببناء أسطول بحري على ميناء إشبيلية  - كما في بعض المصادر الغربية - فقاتل المجوس وردهم فهربوا ودخلوا مراكبهم, وافتدوا منهم الأسرى بالطعام والشراب وانصرفوا . وكانت هذه الواقعة سببا في بناء عبد الرحمن بن الحكم سور إشبيلية.
وقد وجدت بعض المصادر تسمي هؤلاء المجوس (الأردمانيين).
فقد قال أبو سعيد المغربي في المغرب (1/49): (وفي سنة تسع وعشرين (229) ظهرت مراكب الأردمانيين المجوس بسواحل غرب الأندلس, ويوم الأربعاء لأربع عشرة خلت من محرم سنة ثلاثين ومائتين, حلت على إشبيلة وهي عورة, فدخولها واستباحوها سبعة أيام إلى أن جاء نصر الخصي, وهزم عنها النصارى المعروفين بالمجوس, وعاث في مراكبهم. وفي ذلك يقول عثمان بن المثنى:
يقولون: إن الأردمانين أقبلوا          فقلت: إذا جاءوا بعثنا لهم نصرا
وبعد هذا بنى سور إشبيلية بإشارة عبد الملك بن حبيب), وفيه أن بناء السور كان بمشورة عبد الملك بن حبيب.وأن قائد الجيش كان اسمه (زيد الخصي) وهو أبو الفتح نصر الخصي قال فيه ابن حيان – حيان بن خلف أبو مروان ,المتوفى سنة تسع وستين وأربع مئة - في المقتبس( في أحداث سنة ست وثلاثيت ومائتين) : (خليفة الأمير عبد الرحمن بن الحكم، المقدم على جميع خاصته، المدبر لأمر داره، المشارك لأكابر وزرائه في تصريف ملكه). وعثمان بن المثنى هو أبو عبد الملك القيسي القرطبي اللغوي الشاعر,مؤدب أولاد عبد الرحمن بن الحكم.
 ولم أستطع الظفر بما ذكره ابن حيان في هذه الواقعة بسبب أن المطبوع يبدأ من أحداث سنة اثنتين وثلاثين ومائتين! لكن نقل عنه ما أردته الذهبي كما سيأتي.
وقال في البيان المغرب : (ورد كتاب وهب الله بن حزم عامل الأشبونة، يذكر أنه حل بالساحل قبله أربعة وخمسون مركبا من مراكب المجوس، معها أربعة وخمسون قاربا؛ فكتب إليه الأمير عبد الرحمن وإلى عمال السواحل بالتحنظ.
فخرج المجوس في نحو ثمانين مركبا، كأنما ملأت البحر طيرا جونا؛ كما ملأت القلوب شجوا وشجونا. فحلوا بأشبونة؛ ثم أقبلوا إلى قادس، إلى شذونة؛ ثم قدموا على إشبيلية؛ فاحتلوا بها احتلالا، ونازلوها نزالا، إلى أن دخلوها قسرا، واستأصلوا أهلها قتلا وأسرا. فبقوا بها سبعة أيام، يسقون أهلها كأس الحمام. واتصل الخبر بالأمير عبد الرحمن؛ فقدم على الخيل عيسى بن شهيد الحاجب، واتصل المسلمون به اتصال العين بالحاجب. وتوجه بالخيل عبد الله ابن كليب وابن رستم وغيرهما من القواد واحتل بالشرف. وكتب إلى عمال الكور في استنفار الناس؛ فحلوا بقرطبة، ونفر بهم نصر الفتى. وتوافت للمجوس مراكب على مراكب، وجعلوا يقتلون الرجال، ويسبون النساء، ويأخذون الصبيان، وذلك بطول ثلاثة عشر يوما. ذكر ذلك في )بهجة النفس(. وفي كتاب )درر القلائد(: سبعة أيام، كما تقدم. وكانت بينهم وبين المسلمين ملاحم. ثم نهضوا إلى قبطيل؛ فأقاموا بها ثلاثة أيام، ودخلوا قورة، على اثني عشر ميلا من إشبيلية؛ فقتلوا من المسلمين عددا كثيرا؛ ثم دخلوا إلى طلياطة، على ميلين من إشبيلية؛ فنزلوها ليلا، وظهروا بالغداة بموضع يعرف بالنخارين؛ ثم مضوا بمراكبهم، واعتركوا مع المسلمين. فانهزم المسلمون، وقتل منهم ما لا يحصى. ثم عادوا إلى مراكبهم. ثم نهضوا إلى شذونة، ومنها إلى قادس، وذلك بعد أن وجه الأمير عبد الرحمن قواده؛ فدافعهم ودافعوه؛ ونصبت المجانيق عليهم، وتوافت الأمداد من قرطبة إليهم. فانهزم المجوس وقتل منهم نحو من خمسمائة علج؛ وأصيبت لهم أربعة مراكب بما فيها؛ فأمر ابن رستم بإحراقها وبيع ما فيها من الفيء. ثم كانت الوقعة عليهم بقربة طلياطة يوم الثلاثاء لخمس بقين من صفر من السنة، قتل فيها منهم خلق كثير، وأحرق من مراكبهم ثلاثون مركبا. وعلق من المجوس بإشبيلية عدد كثير، ورفع منهم في جذوع النخل التي كانت بها. وركب سائرهم مراكبهم، وساروا إلى لبلة؛ ثم توجهوا منها إلى الأشنونة؛ فانقطع خبرهم.
)وكان احتلالهم بإشبيلية يوم الأربعاء لأربع عشرة ليلة خلت من المحرم من سنة 230(. وكان لبن دخولهم إلى إشبيلية وخروج من بقى منهم وانقطاعهم اثنان وأربعون يوما؛ فقتلهم الله وأبادهم، وبدَّد عددهم وأعدادهم؛ وقتل أميرهم نقمة من الله وعذابا، وجزاء بما كسبوا وعقابا. ولما قتل الله أميرهم، وأفنى عديدهم، وفتح فيهم، خرجت الكتب إلى الآفاق بخبرهم. وكتب الأمير عبد الرحمن إلى من بطنجة من صنهاجة، يعلمهم بما كان من صنع الله في المجوس، وبما أنزل فيهم من النقمة والهلكة؛ وبعض إليهم برأس أميرهم وبمائتي رأس من أنجادهم.)
وقال المقري في نفح الطيب (1/345 و346): (أرسل إليهم عبد الرحمن العساكر فهزموهم بعد مقام صعب ثم جاءت العساكر مددا من قرطبة فقاتلهم المجوس فهزمهم المسلمون وغنموا بعض مراكبهم وأحرقوها )
وانظر أيضا الكامل في التاريخ لابن الأثير (6/83و84) .
وقال الذهبي في تاريخ الإسلام (17/7): (نقل أبو مروان بن حيان في (تاريخ الأندلس) واقعة غريبة فقال ورد مجوس يقال لهم الأردمانيون إلي ساحل الأندلس الغربي في أيام الأمير عبد الرحمن فوصلوا إشبيلية وهي بغير سور ولا بها عسكر فقاتلهم أهلها ثم انهزموا فدخل المجوس إشبيلية وسبوا الذرية ونهبوا فأرسل عبد الرحمن عسكراً فكسروهم واستنقذوا الأموال والذرية وأسروا منهم أربعة آلاف وأخذوا لهم ثلاثين مركباً)
وفيه أنهم أحرقوا لهم ثلاثين مركبا وأسروا أربعة آلاف.
وقال في سير أعلام النبلاء (8/261): (فلما كانت سنة ثلاثين ومئتين طرق المجوس الأردمانيون إشبيلية في ثمانين مركبا في الوادي فصادفوا أهلها على غرارة بمطالة أمد الأمان لهم مع قلة خبرتهم بحربهم فطلعوا من المراكب وقد لاح لهم خور من أهلها فقاتلوهم وقووا على المسلمين ووضعوا السيف فيهم وملكوا إشبيلية بعد القتل الذريع في أهلها حتى في النساء والبهائم وأقاموا بها سبعة أيام فورد الخبر على الخليفة عبد الرحمن بن الحكم فاستنفر جيشه وبعث بهم إلى إشبيلية فحلوا بالشرق ووقع القتال واشتد الخطب وانتصر المسلمون واستحر القتل بالملاعين حتى فنى جمع الكفرة لعنهم الله وحرق المسلمون ثلاثين مركبا من مراكبهم فكان بين دخولهم إلى إشبيلية وهروبهم عنها ثلاثة وأربعون يوما وهذا كان السبب في بناء سور واديها)
وقال (10/312و313): ( سنة إحدى وثلاثين ,وفيها جاء المجوس الأردمانيون في مراكب من ساحل البحر الأعظم,فدخلوا إشبيلية بالسيف ولم يكن لها سور بعد فجهز لحربهم أمير الأندلس عبد الرحمن المرواني جيشا فالتقوا فانهزم الأردمانيون وأسر متهم أربعة آلاف ولله الحمد )
وأما عن تسميتهم أردمانيين. فقد علق محقق سير أعلام النبلاء في الحاشية على الكلمة  تبعا لإحسان عباس في تعليقه على نفح الطيب : (هم النورمان، كانوا يغيرون على الأندلس من المنافذ النهرية، وسماهم المسلمون المجوس لأنهم كانوا يشعلون النيران كثيرا، فظن المسلمون أنهم يعبدونها). و النورمان – وهي كلمة إنجليزية معناها: رجال الشمال - أصلهم الفايكنغ الذين استقروا بشمال فرنسا .
المرة الثانية
ثم وجدتهم عاودوا الكرة في سنة (244 هـ) أو( 245 هـ) الموافق لسنة (844 م) وفق المصادر الغربية في عهد الأمير محمد بن عبد الرحمن بن الحكم الأموي.
قال ابن القوطية في تاريخ افتتاح الأندلس (ص83): (فلما قدموا القدمة الثانية سنة أربع وأربعين ومائتين,في أيام الأمير محمد, تلاقوا في مدخل نهر إشبيلية في البحر, فهزموا , فحرقت مراكبهم , فنصرفوا)
وقال المقري في نفح الطيب (1/350و351): (وفي سنة خمس وأربعين ظهرت مراكب المجوس فلقيهم مراكب الأمير محمد فقاتلوهم وغنموا منهم مركبين واستشهد جماعة من المسلمين)
ونقل عنه ذلك ابن خلدون في تاريخه (4/167) : وتذكر المصادر الغربية أنهم أتوا في ثمانين سفينة.
المرة الثالثة
وعاودوا الدخول إلى الأندلس المسلمة للمرة الثالثة (350 هـ)
 قال المقري في نفح الطيب (1/383و384): (وظهرت في هذه السنة – أي 350 هـ - مراكب المجوس في البحر الكبير وأفسدوا بسايط أحشبونة وناشبهم الناس القتال فرجعوا إلى مراكبهم ,وأخرج الحكم – أي الحكم التجيبي صاحب سرقسطة  - القواد لاحتراس السواحل وأمر قائد البحر عبد الرحمن بن رماجس بتعجيل حركة الأسطول ثم وردت الأخبار بأن العساكر نالت منهم من كل جهة من السواحل)
وقد ورد ذكر الأردمانيين هؤلاء في قصة حادثة بربشتر.فقد سمى ابن بسام الذين دخلوها من النصارى سنة ست وخمسين وأربعمائة الأردمانيين.
فقال ابن بسام في الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة (5/181): (المصيبة الفادحة في بربشتر ,وهو أن جيش الأردمانيين طنبوا عليها ووالوا حصرها وجدوا في قتالها طامعين فيها) وقصة بربشتر طويلة .ولعلها فصل من فصول قصة الفايكنغ في أرض الأندلس.وانظر أيضا الذخيرة (5/173إلى 179).
وأما عن وجه تسميتهم مجوسا فإن الفايكنغ كانوا مشهورين بإشعال النيران الكبيرة في حفلاتهم وأعيادهم ولربما نسبوا بسبب ذلك إلى المجوس كما قيل. ولا زالوا على تلك الطريقة, يشعلون النار في بعض أعيادهم التراثية.وقد ذكرت المصادر الغربية أنهم استطاعوا أخذ بعض السواحل المغربية الشمالية وجعلوها قواعد لهم ما بين سنة ( 859 م) و(862 م)
وأود الوقوف هنا مع مسألتين:
المسألة الأولى : أنهم كانوا معروفين بالشدة والبأس في قتالهم, إلى درجة أن قام الباحثون بالبحث في أسباب انتصاراتهم الأسطورية. وها قد رأيت كيف صدهم المسلمون ثلاث مرات وردوهم خائبين. ولن ينسوا هذا أبدا.وقد كانوا يتفوقون على خصومهم بسفنهم التي كان لها القدرة الكبيرة على المناورة بسبب شكلها وبنائها . وكان طول أكبر سفنهم يصل إلى نحو خمسة وعشرين مترا, وعرضها خمسة أمتار, يجذف بها ست عشرة جنديا من كل جهة.ولها أشرعة مربعة مصنوعة من صوف نوع سلالة قديمة من الشياه تسمى (سبيلشاور) صوفها بطبقتين عازل للماء,ومنها نموذج محفوظ بمتحف سفن الفايكنغ بمدينة (أوسلو) بالنرويج.ومع ذلك ردوا خائبين ثلاث مرات !
المسألة الثانية:  أن الباحثين والمؤرخين الغربيين قسموا غزواتهم إلى ثلاثة أقسام:
غزوات النرويجيين, وكانت في إنجلترا وأسكتلندا ونواحيها.
 غزوات السويديين, وكانت في شرق أوروبا.
غزوات الدانماركيين, وكانت في جنوب أوروبا وسواحل البحر الأبيض المتوسط, وهم الذي غزوا إشبيلية.
 وغزواتهم مبينة في الخريطة المرفقة.
والذي أريد أن أشير إليه أن عداء الدانماركيين للإسلام قديم, وليست الصور الكاريكاتورية بغريبة عن همجيتهم وعداءهم.وقد كان للمسلمين معرفة بهؤلاء المجوس , وأصلهم ومكان سكناهم.فقد قال المقري في نفح الطيب (1/167): (بجهة الشمال جزائر السعادات وفيها من المدن والقرى ما لا يحصى ومنها يخرج قوم يقال لهم المجوس على دين النصارى أولها جزيرة برطانية وهي بوسط البحر المحيك بأقصى شمال الأندلس ولا جبال فيها ولا عيون وإنما يشربون من ماء المطر ويزرعون عليه.
وقال النويري في نهاية الأرب: (وفي هذا البحر من الجزائر العامرة جزيرة برطانية، وهي تحاذي جزيرة الأندلس، وأهلها صهب الشعور،زرق العيون.ومما يلي بلاد إفرانسية جزائر يعمرها خلق من الفرنج، لا ينقادون لبلد، ولا يدينون بدين.)
وأدق من هذا كله قول الحميري في الروض المعطار في خبر الأقطار (1/164): (برطانية,جزيرة توازي حد الأندلس الأقصى وهي مستطيلة من القبلة إلى الجوف طولها ثمانمائة ميل وعرضها مائة ويتصل حدها ببلد الصقالبة، وهي طيبة الهواء معتدلة الحر كثيرة الثمرات والخيرات وعند أهلها حكمة وفلسفة وبصر بحد المنطق، وهي من ممالك إفرنجة وبأيدي ملوكها، وبجوفي برطانية في البحر المحيط, الجزائر المعروفة بجزائر (أرطاوس) وهي ثلاث وثلاثون جزيرة, يسكن المجوس (الأردمانيون)  في اثنتي عشرة منها, وباقيها خالية لفساد هوائها).
والحمد لله رب العالمين.

هل من مات استراح؟

هل من مات استراح؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فكثيرا ما نسمع من عوام الناس يقولون : (فلان مات واستراح). وفلانة ماتت فاستراحت. أو يقولون: أتمنى أن أموت فأستريح.وهذا خطأ على إطلاقه.
وقد روى الإمام أحمد (6/69و102) والطبراني في الأوسط(9379)  ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (8/290) عن عائشة قالت: قيل – وفي رواية الطبراني في الأوسط أنه بلال - : يا رسول الله , ماتت فلانة واستراحت! فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : (إنما يستريح من دخل الجنة.) وفي رواية قتيبة: (من غفر له)
ورواه الحارث في مسنده (256وأبو داود في المراسيل (ص351) من مرسل عروة ولفظه : توفيت امرأة وكان أصحاب رسول الله يضحكون منها فقال فلان-  في رواية أبي داود وابن المبارك في الزهد(ص85) أنه بلال -: ويحها قد استراحت. فقال النبي: إنما يستريح من غُفِرَ له إسناده مرسل رجاله ثقات) قال ابن حجر)  في المطالب العالية (13/71 ): (إسناده مرسل ورجاله ثقات)
ورواه البزار مسندا كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/330) وقال : (رجاله ثقات).
ورواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (54/210) من حديث الزهري عن محمد بن عروة عن أبيه عن بلال عن سودة وفيه ( قالت سودة  رضي الله عنها :يا رسول الله مات فلان فاستراح. فقال رسول الله  صلى الله عليه وسلم  : إنما استراح من غفر له) والله أعلم.
والحديث صححه الشيخ الألباني بمجموع شواهده في السلسلة الصحيحة (رقم 1710) فلينظر هناك لزاما.
قال المناوي في فيض القدير (2/563): ((إنما استراح من غفر له) , أي سترت ذنوبه, فلا يعاقب عليها فمن تحققت له المغفرة استراح وذلك لا يكون إلا بعد فصل القضاء والأمر بدخول الجنة فليس الموت مريحا لأن ما بعده غيب عنا ومن ثَمَّ سئل بعض العارفين: متى يجد العبد طعم الراحة؟ فقال: أول قدم يضعها في الجنة)
ويشهد لهذا ما رواه مالك (573) والبخاري (6147) ومسلم (950)عن أبي قتادة بن ربعي الأنصاري أنه كان يحدث أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم  مر عليه بجنازة فقال: مستريح ومستراح منه قالوا: يا رسول الله ما المستريح والمستراح منه قال العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب) ولذلك قال عليه السلام : (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر)
قال الحافظ في فتح الباري (11/364): (لم أقف على اسم السائل منهم بعينه إلا أن في رواية إبراهيم الحربي عند أبي نعيم : (قلنا) فيدخل فيهم أبو قتادة فيحتمل أن يكون هو السائل)
ولذلك أخطأ  أبو العلاء المعري حين قال:
قضى الله أن الآدمي مُعذَّبٌ        إلى أن يقول العالمون به قضى
فهنئ ولاة الميت يوم رحيله        أصابوا تراثا واستراح الذي مضى
والصحيح قول عدي بن الرعلاء :
ليس من مات واستراح بميّت         إنّما الميت ميّت الأحياء
إنما الميت من يعيش شقيا              كاسفا باله قليل الرجاء
ومن الطريف أن الحسن البصري ما كان يتمثل ببيت شعر إلا بهذا البيت كما عند بن أبي شيبة (7/189)
عن محمد بن فضيل عن عاصم .وكان يقول : (صدق والله, إنه ليكون حيا وهو ميت القلب)
ولا ينبغي لأحد سؤال الموت طلبا للراحة زعم.فقد روى البخاري (5347) ومسلم (2680) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال النبي  صلى الله عليه وسلم: (  لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه, فإن كان لا بد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي) أي لا يتمنين أحدكم الموت لذلك ظانا أنه سيرتاح بعده , فلعله يلقى ما هو أشد منه. أعاذنا الله من ضر  ما قبل الموت وضر ما بعده.
وقد يحتج بعض الناس بحديث (لا راحة للمؤمن دون لقاء ربه - وفي لفظ : دون لقاءالله تعالى -) مرفوعا كما فعل ابن الحاج في المدخل (3/31) وغيره. والحديث ورد مرفوعا من حديث أبي هريرة في الفردوس(1306)  ولم يذكر له الديلمي سندا فلا أصل له. إنما يروى من كلام ابن مسعود عند وكيع في الزهد ( 84 ) وأحمد في الزهد(ص156) وابن المبارك في الزهد (ص6) ومن كلام وهب بن منبه عند محمد بن نصر المروزي في قيام الليل كما في المقاصد الحسنة للسخاوي.والحمد لله رب العالمين.


ما لكم لا ترجون لله وقارا؟

ما لكم لا ترجون لله وقارا


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه . وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
فإن المساجد اليوم تستغيث من عبث قبيح , وإذاية بشعة, وانتهاك صارخ لحرمتها.وهي بيوت الله تعالى, ونزل قلوب المؤمنين. لا تجد من يرفع شأنها , ويبوح بشكواها, وينتصر لمظلمتها.زخرفوها وزينوها فعل النصارى بكنائسهم. حتى رأيت في بعضها صورا وتماثيل معلقة وأنا أخطب. فأنكرت ,فأزالها بعض الغيورين حالا,وما نفع إنكاري على القائمين عليها . فعادوا ووضعوها مرة أخرى,ومن أخبث ما وقع. مما يؤذن بمصيبة , وينذر بكارثة, رفع صوت المزمار على المآذن. وكأنها مضادة لله ورسوله.
وقد مررت في إحدى ليالي رمضان بعد العشاء ببعض هذه المساجد, فصم أذني صوت مزمار منبعث من مكبرات صوت يخرج منها الأذان عادة . فغضبت , وتذكرت قوله تعالى : (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ) فقلت: وهؤلاء يقولون بلسان حالهم: (في بيوت أذن الله أن ترفع وتضرب فيها المعازف) فقلت ( مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا ) أفلا يخاف هؤلاء من رب العالمين و( مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ).
فكيف يستغرب الناس ما نحن فيه من ذل وصغار؟
إن ظلمهم لبيوت الله تعالى من أكبر الأدلة على تولي الناس عن دينهم, وأول من يسأل عن هذا الظلم من أمر وساعد عليه.  (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ )
زار أبو بكر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم مرة في بيته. فسمع صوت دف تضرب عليه بعض الجواري يوم العيد. فاستنكر رضي الله عنه ذلك كما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم  ورفع صوته بذلك قائلا: أمزمار الشيطان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم.وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم قد بين له أن ضرب الدف منهن في حال إظهار الفرح مستثنى من المنع. فالذي فعل أبو بكر هو استنكار أن يكون مزمار الشيطان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم, فكيف لو رأى رضي الله عنه اليوم مزمار الشيطان في بيت الله تعالى , نسأل الله العافية.
وهذا عبد الله بن عمر يسمع مؤذنا يلحن في الأذان بالغناء والتطريب فينكر عليه ذلك ويصارحه ببغضه له . فقد روى الطبراني وغيره أن رجلا جاء إلى ابن عمر فقال : إني أحبك في الله ، قال : فاشهد علي أني أبغضك في الله ! قال : و لم ؟ قال : لأنك تلحن في أذانك ، و تأخذ عليه أجرا !وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة (1/104). وفي المحلى (3/146): (وعن عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان الضبعي عن يحيى البكاء قال رأيت ابن عمر يقول لرجل إني لأبغضك في الله ثم قال لأصحابه إنه يتغنى في أذانه ويأخذ عليه أجرا).
فإن كان هذا في التطريب بالصوت الآدمي في الأذان, فما بالك بابن عمر لو رأى التطريب بمزمار شيطاني على المئذنة!
ثم تأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم : (إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة أحال له ضراط حتى لا يسمع صوته فإذا سكت رجع فوسوس فإذا سمع الإقامة ذهب حتى لا يسمع صوته فإذا سكت رجع فوسوس) فكيف يكون حال الشيطان إذا سمع المزمار. الأذان يصده والمزمار يدعوه .المؤذن يطرده و(الغياط) أو (النفار) يدعوه ! أليس هذا محادة لله ورسوله وللمؤمنين ؟!, بلا ,ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
وأعجب ما في الأمر أننا مالكية المذهب زعموا,ولا يفتأ القائمون عليه في بلادنا من الدعوة إليه والنهي عن مخالفته, ثم تراهم أول المخالفين.وكأن قاعدتهم :(وما نريد إلا أن نخالفكم إلى ما ننهاكم عنه, إن نريد إلا الإفساد ما استطعنا!)
ولنكتشف حقيقة أمر هؤلاء, وصحة دعواهم , لنقرأ في المعيار المعرب للونشريسي رحمه الله تعالى (1/154و155) : (سئل ابن لب عن إنشاد الشعر الغزلي في الصوامع عقب التهليل وما معه من الأذكار ما حكمه؟
فأجاب: إنشاد الشعر الغزلي وغيره في الصوامع من البدع التابعة لبدع,لأن الأصل الأذان وحده, ثن اتبع الأذكار لقصد الإيقاظ, ثم أتبع الغناء والسماع, وهذا كله من الابتداع والله المخلص).
وفي المعيار أيضا (1/278) : سئل أبو إسحاق الشاطبي عن قول (أصبح ولله الحمد) بعد الفراغ من أذان الصبح فأجاب: (إن قولهم أصبح ولله الحمد زيادة في مشروع الأذان للفجر وهو بدعة قبيحة أحدثت في المائة السادسة. )ووافقه الونشريسي على بدعيتها في المعيار (11/114)
قلت: وهي في فتاواه (ص207)
وقد اعتبر الشاطبي من البدع (دعاء المؤذنين بالليل في الصوامع) في كتاب الاعتصام.
فإن كان هذا الإنكار الشديد في أذكار محدثة ووظائف مبتدعة فما بالك بالمزمار !
ثم انتبهت وأنا أكتب هذا إلى مسألة عجيبة , وهي أن من المسلم عند الناس أنه يستقبح جدا تصرف الضيف في بيت مضيفه بغير إذنه, وها هم اليوم يبتدعون في بيت الله ويحدثون فيه ما لم يأذن به.
وهذا أمر أنكره العقلاء من فقهاء المغرب, ولا يزال منهم بقية صالحة تستنكر ذلك سرا وعلانية, وما يزيد إنكارهم القائمين على هذه البدعة إلا ضلالا!
ومنهم العلامة الناصري فقد سماه في تعظيم المنة (ص69و70) : (مزمار الشيطان المسمى في عرف المغاربة الغيطة, يصعد به بعض سفلة الناس إلى أعلى كثير من منارات المغرب بعد العشاء وقت سحور, فيزمرون به مدة طويلة من الليل بطبوع كثيرة ...ولا منكر ولا مغير بل صار خاصة الناس يفعلون ذلك ويتنافسون فيه فإن لله وإنا إليه راجعون على إرضاء الشيطان وإسخاط الرحمن ...) ثم ذكر أمورا أخرى وقال: (كله من البدع المحدثة لم يكن من عمل السلف الصالح رضوان الله عليهم )
وقد كان شيخ شيخنا الهلالي يغير ذلك بيده فينزل (الغياط) من المأذنة بالسب والشتم.رحمه الله تعالى
وقد نبه ابن الحاج إلى مسألة طريفة في ذلك, فقال في المدخل (2/256/دار الفكر) : (العجب منهم فيما يفعلونه من ذلك لأنهم يضربون بالنفير والأبواق في الأفراح التي تكون عندهم, ويمشون بذلك في الطرقات فإذا مروا على باب مسجد سكتوا وأسكتوا ويخاطب بعضهم بعضا. بقولهم احترموا بيت الله تعالى فيكفون حتى يجاوزونه فيرجعون إلى ما كانوا عليه ثم إذا دخل شهر رمضان الذي هو شهر الصيام والقيام والتوبة والرجوع إلى الله تعالى من كل رذيلة يأخذون فيه النفير والأبواق ويصعدون بها على المنار في هذا الشهر الكريم ويقابلونه بضد ما تقدم ذكره)
ما أدري كيف استساغ هؤلاء وضع زبالة مثل هذه في بيوت الله تعالى, وقد روى ابن خزيمة عن أنس (293) (إن هذا المسجد لا يصلح لشيء من القذر والبول أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو لقراءة القرآن وذكر الله والصلاة ). ولعمري , لبول في المسجد جهلا كما وقع من الأعرابي أهون عندنا من مزمار شيطان قذر يعزف فيه.
(إنما هو لقراءة القرآن وذكر الله والصلاة) فلا حول ولا قوة إلا بالله.


كشف الستور عن حكم حبس الطيور

بسم الله الرحمن الرحيم

كشف الستور عن حكم حبس الطيور

كتبه طارق بن عبد الرحمن الحمودي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه, واشهد أن لا إله إلا الله, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
 فهذه تقييدة في حكم حبس الطيور في القفص لأجل غنائها وجمال مظهرها, وأصل هذا الباب ما رواه البخاري (5778) ومسلم (2150) عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأخي أنس وكان له نغير يلعب به: (يا أبا عمير ما فعل النغير؟)
*قال الحافظ في فتح الباري (10/584): (وفي هذا الحديث عدة فوائد جمعها أبو العباس أحمد بن أبي أحمد الطبري المعروف بابن القاص الفقيه الشافعي صاحب التصانيف في جزء مفرد بعد أن أخرجه من وجهين عن شعبة عن أبي التياح ومن وجهين عن حميد عن أنس ومن طريق محمد بن سيرين وقد جمعت في هذا الموضع طرقه وتتبعت ما في رواية كل منهم من فائدة زائدة وذكر بن القاص في أول كتابه أن بعض الناس عاب على أهل الحديث أنهم يروون أشياء لا فائدة فيها ومثل ذلك بحديث أبي عمير هذا قال وما درى أن في هذا الحديث من وجوه الفقه وفنون الأدب والفائدة ستين وجها ثم ساقها مبسوطة فلخصتها مستوفيا مقاصدة ثم أتبعته بما تيسر من الزوائد عليه)
*قلت: و الجزء مطبوع , وهو من منشورات مكتبة السنة.قال في مقدمتها : (وأما قصة أبي عمير ,فأنا ذاكرها بروايتها, وملطف القول في تخريج ما فيها من وجوه الفقه والسنة وفنون الفائدة والحكمة, ليعلم الرازي على أهل الحديث به أنهم بالمدح به أولى, وأن السكوت كان به أحرى, وذلك أن فيه ستين وجها من الفقه, وسنأتي إن شاء الله وبعون الله وتوفيقه على بيان ذلك وتفصيله)
وقال في آخره : (مثل هذا الحديث فيه تثبيت الامتحان والتمييز بيننا وبين أمثالهم, إذ لم يهتدوا إلى شيء من تخريج فقهه, ويستخرج أحدنا منه بعون الله وتوفيقه كل هذه الوجوه وفي ذلك وجهان :
أحدهما: اجتهاد المستخرج في استنباطه, والثاني تبيين فضيلته في الفقه والتخريج على أغياره.
والعين المستنبط منها عين واحدة, ولكن من عجائب قدرة اللطيف في تدبير صنعه أن تسقى بماء واحد, ويفضل بعضها على بعض في الأكل)
*قلت: قد ذكر بعضهم من فوائد هذا الحديث أكثر من هذا, ففي نفح الطيب (6/215) أن الفقيه ابن الصباغ – وهو من العلماء الذين غرقوا في نكبة السلطان المريني أبي الحسن, وكانوا نحو أربعمائة عالم - أملى في مجلس درسه بمكناسة على حديث (يا أبا عمير ما فعل النغير) أربعمائة فائدة.والذي يظهر أن غالبها متداخل, ولذلك قال ابن غازي المكناسي في حواشيه على الصحيح كما في التراتيب الإدارية لعبد الحي الكتاني(2/98/دار الأرقم) بعد أن ذكر أنه أوصلها إلى أكثر من مائتين : (إلا أنها لا يخلو بعضها من تداخل). وقد ذكر الشيخ عبد الحي الكتاني أيضا في فهرس الفهارس (2/891) نقلا عن الونشريسي أن شيخه ابن غازي هذا استنبط من هذا الحديث مائتي فائدة .والظاهر أنها مؤلف مفرد.
*وقال الشيخ العثيمين في كتاب العلم : (يروى عن الشافعي - رحمه الله - أنه استضافه الإمام أحمد ذات ليلة فقدم له العشاء، فأكل الشافعي ثم تفرق الرجلان إلى منامهما، فبقي الشافعي - رحمه الله - يفكر في استنباط أحكام من حديث، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( يا أبا عمير ما فعل النغير) . فظل طول الليل يستنبط من هذا الحديث ويقال : إنه استنبط منه أكثر من ألف فائدة، ولعله إذا استنبط فائدة جر إليها حديث آخر، وهكذا حتى تتم)!
قلت: وهذا شيء غريب فيه مبالغة. ولم أجد لهذه القصة مسندة أو غير مسندة ذكرا فيما بين يدي! والله أعلم!
*وقد احتج بهذ الحديث على جواز حبسها للعب الصبيان بها دون عبث أو أذية جمهور أهل العلم كماقال القاضي عياض في مشارق الأنوار (2/403) واختاره في إكمال المعلم (7/26) وقال: (ومعنى هذا اللعب عند العلماء إمساكه له وتلهيه بحبسه لا بتعذيبه والعبث به) , ومن هؤلاء الحاكم في معرفة علوم الحديث (ص77 ) وابن بطال المالكي في شرح البخاري وابن حجر الهيتمي في  الفتاوى الفقهية (4/240) والحافظ ابن حجر كما مر.
*وأما حبسها في القفص فقد ادعى بعض المجيزين له  أن لعب الصبيان بها أشد من حبسها ومع ذلك أقره النبي صلى الله عليه وسلم, فيكون جواز حبسها في القفص من باب أولى.
وفي الإقناع للشربيني (2/547): (فائدة :سئل القفال عن حبس الطيور في أقفاص لسماع  أصواتها أو غير ذلك فأجاب بالجواز إذا تعهدها صاحبها بما يحتاج إليه كالبهيمة تربط) والقفال هذا هو القفال الشافعي الكبير . وكره حبسها في القفص جماعة منهم ابن عابدين كما في حاشيته(6/401) وعلل ذلك بأنه  سجن وتعذيب. وقال ابن مفلح في الفروع (6/495): (ويكره حبس الطير لنغمته )
وفي بدائع الفوائد لابن القيم  (3/655):  (سئل – ابن عقيل - عن حبس الطير لطيب نغمتها فقال: سفه وبطر يكفينا أن نقدم على ذبحها للأكل فحسب لأن الهواتف من الحمام ربما هتفت نياحة على الطيران وذكر أفراخها أفيحسن بعاقل أن يعذب حيا ليترنم فيلتذ بنياحته وقد منع من هذا بعض أصحابنا وسموه سفها)
*ورد بعض فقهاء المالكية الاحتجاج بحديث (ما فعل النغير) على جواز حبسها في القفص كما في مواهب الجليل للحطاب, بالفرق بينه وبين لعب الصبي بها,  فقالوا : (إن اللعب بها يكون لوقت يسير بخلاف حبسه ، فإنه يبقى السنين المتطاولة ، فهو تعذيب له ، فهو أشد) .خلافا لما ادعاه بعض المجيزين من كون اللعب بها أشد كما مر.والمشهور في المذهب المالكي المنع وهو اختيار الزرقاني في شرحه لمختصر خليل ومحشييه, وهما البناني والرهوني.وكذلك الأُبِّيُّ في شرح مسلم كما في نيل الابتهاج بنور السراج للبلغيثي (1/40) بدعوى أن قصة أبي عمير قضية عين.وذهب بعض المالكية إلى الجواز محتجين بما في المدونة  (15/179): (قلت: أرأيت لو أني أتيت إلى قفص فيه طير ففتحت باب القفص فذهب الطير أأضمن أم لا ؟  قال : نعم, أنت ضامن في رأيي)
*واحتج بعضهم على المنع من ذلك بما نقله الدميري في حياة الحيوان الكبرى عن أبي الدرداء أنه قال: (تجيء العصافير يوم القيامة تتعلق بالعبد الذي كان يحبسها في القفص عن طلب أرزاقها وتقول يا رب عذبني في الدنيا) ولم أجده مسندا!وإن صح فإنه محمول كما قال الدميري على من منعها المأكول والمشروب, ثم ذكر أن( بعض الصحابة كان يكره ذلك).
*فائدة:
في تاج العروس (18/117): ( أقفص الرجل صار ذا قفص من الطير, ومنه حديث ابن جرير : حججت فلقيني رجل مقفص طيرا, فابتعته فذبحته وأنا ناس لإحرامي)
*وقد تكلم العلماء في تسريحه بعد صيده أو شرائه وحبسه. فقيل بالمنع بدعوى أن تسريحه من إضاعة المال وقيل بالجواز لأنه من باب المعروف والرحمة بالطير.
قال البلغيثي في نيل الابتهاج (1/41) بعد أن اختار جواز التسريح: (ثم إن ما قدمناه من أن الصواب أن تسريحه بعد إمساكه جائز, ينبغي أن يقيد بغير طير لا رفيق له,وأما الطيور التي لا رفيق لها كالفواخت عندنا والعصافير المسماة بالكنار فإنها إن سرحت قتلتها الطيور, فالظاهر وإن لم أره لأحد, أن تسريحها حينئذ حرام لما ذكرنا,نعم إمساكه أولا أو الاتيان به من محله أو شراؤه معصية تجب منها التوبة والاستغفار والله أعلم)!
*وفي فتاوى الأزهر( أنه يجوز اقتناؤها وبيعها ما دام ذلك فى حدود الشرع وبشروط ، ومن هذه الشروط :
1 - ألا يقصد بها التفاخر والخيلاء ، كما هو دأب المترفين ، والأعمال بالنيات .
2 - ألا يلهى التمتع بها أو الانشغال برعايتها واستثمارها عن واجب من الواجبات .
3 - ألا يهمل فى رعايتها بالتقصير فى تغذيتها مثلا.
وحكم الطير يسري على الأسماك المتخذة للزينة فى أحواض ضيقة ليست فى سعة الأنهار ، والبحار ، وكذلك على الحيوانات فى الحدائق المعدة لها ، وقد حبست فى أقفاص أو أبنية ليست فى سعة الصحراء والغابات التى كانت تعيش فيها من قبل)
*وفي الفتوى رقم (18807) من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء: ( بيع طيور الزينة مثل الببغاوات والطيور الملونة والبلابل لأجل صوتها جائز؛ لأن النظر إليها وسماع أصواتها غرض مباح، ولم يأت نص من الشارع على تحريم بيعها أو اقتنائها)
*وسئل المختار الشنقيطي كما في شرح زاد المستقنع :
( ما حكم حبس العصافير ووضعها في الأقفاص من أجل الزينة؟
فأجاب:  يجوز حبس العصافير والطيور إذا كان يطعمها ولا يعذبها، كما ثبت في الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال-وهو من حديث أنس في السنن-: ( يا أبا عمير ! ما فعل النغير؟! ).
والنغير تصغير النغري؛ وهو نوع من الطير معروف، قيل: يحبس لجماله، وقيل: لجمال صوته، وهذا يدل على أنه لا بأس بحبس البهائم والطيور، بشرط أن يقوم على طعامها ولا يعذبها.)
وقال الشيخ أبو علي برحال في شرح مختصر خليل – كما في التراتيب الإدارية للكتاني  (2/98) - : (وما ذكر من حبس الطير إنما هو إذا لم يكن فيه تعذيب أو تجويع أو تعطيش, ولو بمظنة الغفلة عنه, أو بحبسه مع طير آخر ينقب رأسه.ويتفقده بالأكل والشرب كما يتفقد أولاده , ويضع للطير كا يركب عليه كخشبة, وأما أن يضعه على الأرض بلا شيء , فذلك يضر به غاية في البرد, وهذه الأمور لا تحتاج إلى جلب نص فيها لوضوحها)
*فائدة:
روى أبو نعيم في حلية الأولياء (3/140) وأبو الشيخ في كتاب العظمة (5/1738) عن أبي حمزة الثمالي قال: كنت عند علي بن الحسين فإذا عصافير يطرن حوله يصرخن.فقال: يا أبا حمزة هل تدري ما يقول هؤلاء العصافير فقلت: لا قال: ( فإنها تقدس ربها عز وجل وتسأله قوت يومها)
وأبو حمزة الثمالي ثابت بن أبي صفية رافضي ضعيف من جهة حفظه.
وأخرجه الخطيب في تاريخ بغداد مرفوعا (11/97) قال: أخبرنا يحيى بن محمد بن الحسين المؤدب حدثنا أبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني حدثنا إبراهيم بن حفص بن عمر العسكري بالمصيصة قال حدثنا عبيد بن الهيثم بن عبيد الله الأنماطي البغدادي بحلب حدثنا الحسين بن علوان الكلبي حدثنا أبو حمزة ثابت بن أبي صفية قال: كنا مع علي بن الحسين جلوسا في مسجد رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ثم مر بنا عصافير يصحن فقال علي بن الحسين أتدرون ما تقول هذه العصافير قلنا لا قال: أما إني ما أقول إني أعلم الغيب ولكن سمعت أبي يقول سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول سمعت رسول الله  صلى الله عليه وسلم  يقول: ( إن الطير إذا أصبحت سبحت ربها وسألته قوت يومها وإن هذه تسبح ربها وتسأله قوت يومها) والحسين بن علوان متهم بوضع الحديث.


أنت الجماعة وإن كنت وحدك للشيخ أبي إسحاق الحويني










جمع ما نقله الرواة في دفن ميت الحشرات



بسم الله الرحمن الرحيم
جمع ما نقله الرواة في دفن ميت الحشرات
كتبه طارق الحمودي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه ومن والاه,وأاشهد أن لا إله إلا الله, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
فمن مستطرف الأبواب, ومستظرف المسائل شيء كنت وقفت عليها في كتاب الصلاة من كتب الفقه, وهو مسألة قتل قملة أو برغوث في الصلاة داخل المسجد ودفنه, وقد اختلف العلماء في اشتغال المصلي بذلك , فقال بعضهم: (يقتلها) وزاد بعضهم (ويدفنها). وقال غيرهم: (يكفيه حبسها إلى أن يخرج من المسجد).
 واحتجوا  بما رواه أحمد ( 5/410) : ثنا إسماعيل  ثني حجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير عن الحضرمي بن لاحق عن رجل من الأنصار : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا وجد أحدكم القملة في ثوبه فليصرها ولا يلقها في المسجد) .
وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الستة غير الحضرمي بن لاحق وهو لا بأس به كما في ( التقريب ) لكنه ذكر أنه من الطبقة السادسة أي : الذين لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة وعلى هذا فالحديث منقطع كما قال الشيخ الألباني في الثمر المستطاب.وقال الهيثمي ( 2/20 ) :  ( رواه أحمد ورجاله موثقون ) .
وروى أحمد أيضا (5/419/مؤسسة قرطبة) ثنا محمد بن عبيد ثنا محمد بن إسحاق عن طلحة بن عبيد الله يعنى بن كريز عن شيخ من أهل مكة من قريش قال: وجد رجل في ثوبه قملة فأخذها ليطرحها في المسجد فقال له رسول الله  صلى الله عليه وسلم: (  لا تفعل ارددها في ثوبك حتى تخرج من المسجد). قال الهيثمي في المجمع : (رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أن محمد بن إسحاق عنعنه وهو مدلس ) .قلت: والقرشي لا يدرى من هو.
ويظهر أن مسألة الدفن هذه ليست خاصة بكون  قتلها في المسجد. فإنهم قد عللوا ذلك بقوله تعالى ( ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا).وهذا عام.وفي هذا يروى شيء عن ابن مسعود وابن عباس وأبي أمامة وابن عمر ومجاهد وأبي العالية وإبراهيم النخعي. 

* فقد روى الطبراني في المعجم الأوسط (2/46/1197)حدثنا أحمد قال حدثنا خالد قال حدثنا أبي قال حدثني زياد بن عتبة الكوفي عن عكرمة مولى بن عباس عن أبي هريرة أن رسول الله قال : (إذا وجد أحدكم القملة في المسجد فليدفنها أو ليمطها عنه) وذكر أنه لم يرو هذا الحديث إلا يوسف تفرد به ابنه عنه.
والحديث ضعيف جدا, يوسف بن خالد وهو السمتي البصري أبو خالد والد خالد متروك.
 وروى ابن شبة في أخبار المدينة (86)حدثنا محمد بن يحيى عن محمد بن عبد الله عن شيبة بن نصاح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا رأى أحدكم القملة في ثوبه وهو في المسجد فليحفر لها فليدفنها وليبصق عليها فإن ذلك كفارتها) وهذا معضل. شيبة لا يسمع من الصحابة.

*وروى ابن أبي شيبة (2/145) وعبد الرزاق (1/447) و الطبري في التفسير (29/237) والبيهقي في السنن الكبرى (2/294) عن مسلم الملائي عن زاذان عن الربيع بن خثيم أن عبد الله دفن قملة في المسجد ثم قرأ (ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا  ) وفي رواية البيهقي أنه وجدها على ثوب رجل فدفنها في الحصباء.
ومسلم بن كيسان الملائي ضعيف.و في سماعه من زاذان شيء كما في الجرح والتعديل. والظاهر أن زاذان هذا هو أبو عمرو مولى كندة.
وروى أبو يوسف في كتاب الآثار (رقم 210)عن أبي حنيفة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي رزين  عن ابن مسعود رضى الله عنه انه اخذ قملة وهو في المسجد فدفنها في الحصى وقرأ (ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا )
وهذا إسناد ضعيف, عاصم بن بهدلة صدوق له أوهام .
وأبو رزين هو مسعود بن مالك الأسدي وثقه النسائي وابن حبان وقال الحافظ في التقريب: مقبول. أي عند المتابعة.
وأبو حنيفة الإمام في حفظه لين.

*وروى ابن أبي شيبة (2/145) حدثنا جرير عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس في الرجل يجد القملة في المسجد قال يدفنها في الحصباء قال: ورأيت أبا ظبيان يفعل ذلك.
وهذا إسناد فيه ضعف , قابوس هو ابن أبي ظبيان فيه لين, وجرير هو ابن عبد الحميد, وأبو ظبيان اسمه حصين بن جنذب.

*وروى ابن أبي شيبة (2/145)حدثنا عباد بن عوام عن الشيباني عن المسيب بن رافع عن رجل قال: (رأيت أبا إمامة يتفل في مسجده وهو يدفن القمل في الحصباء).
وهذا إسناد ضعيف للإبهام.و عباد بن العوام هو أبو سهل الكلابي الواسطي والشيباني هو سليمان بن أبي سليمان أبو إسحاق.
وروى عبد الرزاق في المصنف (1/447) عن معمر عن أبي غالب أن أبا أمامة رأى على ثيابه قملة وهو في المسجد فأخذها فدفنها في المسجد وأبو غالب ينظر إليه 
وهذا إسناد ضعيف, أبو غالب هو صاحب أبي أمامة, اختلف في اسمه ونسبه. قال فيه الحافظ : صدوق يخطئ.

*وروى ابن أبي شيبة (2/146)عن  إسماعيل ابن علية وعبد الرزاق (1/446)عن معمر بن راشد كلاهما عن أيوب عن يوسف بن ماهك قال: ( رأيت ابن عمير أخذ من ثوب ابن عمر قملة فدفنها في المسجد ) زاد معمر : (وابن عمر ينظر إليه ولم ينكر عليه ذلك )وهذا إسناد صحيح.وأيوب هو  السختياني وابن عمير هو عبيد بن عمير الليثي

*وروى  الطبري (29/237)حدثني يعقوب قال ثنا بن علية عن ليث قال: قال مجاهد في الذي يرى القملة في ثوبه وهو في المسجد ولا أدري قال في صلاة أم لا:إن شئت فألقها وإن شئت فوارها (ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا) وليث بن أبي سليم ضعيف.

*وروى  ابن أبي شيبة (2/145) حدثنا وكيع قال نا سفيان عن منصور عن إبراهيم في الرجل يجد القملة في الصلاة قال يدفنها .وهذا إسناد صحيح
وقال: حدثنا أبو الأحوص عن أبي حمزة قال:قلت لإبراهيم: آخذ القملة وأنا في الصلاة؟ قال :ادفنها في الحصى إنما جعلت الأرض(  كفاتا أحياء وأمواتا )
وهذا إسناد ضعيف لأجل أبي حمزة وهو ميمون القصاب , وأبو الأحوص هو سلام بن سليم الحنفي الكوفي.

*وقال ابن أبي شيبة في المصنف أيضا (2/145): حدثنا وكيع قال: ثنا أبو خلدة قال: رأيت أبا العالية يدفن القمل في المسجد وقرأ (ألم نجعل الأرض كفاتا ) وهذا إسناد حسن لأجل أبي خلدة وهو خالد بن دينار التميمي فإنه صدوق.